حظر تداول كتب أجنبية يثير جدلا في الصين

كتاب الخنزير بيبا لايزال متاحاً على موقع تاوباو رغم قرار الحظر
كتاب الخنزير بيبا لايزال متاحا على موقع تاوباو رغم قرار الحظر (الجزيرة)

علي أبو مريحيل-بكين

أثار قرار حكومي بحظر تداول كتب أجنبية جدلا واسعا في الأوساط الصينية، حيث ذكرت دور نشر محلية بأنها تلقت إخطارا من جهات رقابية بحظر بيع ونشر عدد من الكتب الأجنبية المخصصة للأطفال.

وأشارت دور النشر إلى أن هيئة الرقابة العامة قامت بإسقاط حقوق النشر الخاصة ببعض الشركات ودور النشر الأجنبية التي تصدّر كتبها إلى السوق الصيني.

وانقسم الصينيون إلى فريقين، أولهما يؤيد القرار ويطالب بفرض المزيد من الرقابة على نوعية الكتب الأجنبية لما تتضمنه من أفكار غربية ومواضيع اعتبرها تهديدا للقيم الثقافية الصينية، وثانيهما يرى أن مثل هذه الإجراءات تحد من القدرة على التفكير الإبداعي، وتجعل آفاق جيل كامل محصورة في ما تحدده الدولة وتمليه على المجتمع.

كان لافتا في قائمة الكتب التي شملها قرار الحظر، وجود ستة كتب من ضمن قائمة أكثر عشرة كتب أجنبية مبيعا على موقع "تاوباو" الصيني المشابهة لموقع (أمازون) والمملوك لشركة علي بابا التجارية العملاقة.

طفلة صينية تتصفح كتابا مترجما
طفلة صينية تتصفح كتابا مترجما

ومن هذه الكتب المحظورة "هاري بوتر ومقدسات الموت" للمؤلفة البريطانية جوان رولينغ، و"الخنزير بيبا" للمؤلف الراحل رولد دال، و"ويني ذا بوه" للكاتب ألن ميلن، و"خمن كم أنا أحبك" للكاتب الإيرلندي سام ماك براتني الذي وصلت مبيعاته إلى 28 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم منذ نشره قبل عشرين عاما.

أفكار هدامة
واكتفت هيئة الرقابة الصينية بالتعليق على قرار حظر هذه المؤلفات بتدوينة على موقعها الإلكتروني، قالت فيها إن بعض الكتب الأجنبية الموجهة للأطفال تحمل أفكارا هدامة وتتنافى مع القيم الصينية.

وأوضح يانغ تاي الباحث في معهد بكين للعلوم الاجتماعية أن قرار الحظر جاء بعد أن تلقت السلطات عدة شكاوى من أولياء الأمور، بسبب محتوى بعض الكتب الأجنبية وتأثيرها على سلوكيات أطفالهم.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى كتاب "ويني ذا بوه" وقال إنه يحتوي على صور عارية للدب بطل الرواية، فضلا عن أنه كسول ومحدود الذكاء، وبالتالي فهناك خطورة من انتقال عدوى الكسل والخمول للقراء الصغار.

طفلة صينية تقرأ قصة الأميرة رابونزيل
طفلة صينية تقرأ قصة الأميرة رابونزيل

كما أشار إلى همجية الخنزيرين في كتاب "الخنزير بيبا" اللذين يميلان إلى العدوانية والعبث والفظاظة في سلوكهما، وهو ما بدأ ينعكس على سلوك بعض الأطفال، وفق قوله.

وأكد يانغ أن قرار هيئة الرقابة ينسجم مع توجه الحكومة للحد من التأثير الأجنبي على المجتمع الصيني، والحفاظ على المبادئ والقيم الخاصة بالثقافة الصينية.

الكتب المحلية
من جهة أخرى، قال مدير مكتبة للأطفال بالعاصمة بكين إن قرار حظر بعض الكتب لا علاقة له بمحتواها الثقافي، بل يهدف إلى الحد من الكتب الأجنبية المستوردة لصالح المؤلفين الصينيين ودور النشر المحلية.

وتابع ووي جاو أن الحكومة تود أن تخلق توازنا بين المؤلفات المحلية والواردات الأجنبية، مشيرا إلى أن هناك فجوة كبيرة بين المنتج الثقافي الصيني ونظيره الغربي لصالح الأخير، وأن تحقيق التوازن يحتاج عقودا طويلة.

وتوقع -في حديثه للجزيرة نت- أن يدفع القرار الآباء الرافضين له إلى المسارعة في شراء الكتب الأجنبية لأطفالهم قبل تنفيذ الحظر بصورة أكثر صرامة، وقبل أن تشمل قائمة الحظر كتبا أخرى.

وتشير الأرقام الصينية إلى أن نسبة مبيعات كتب الأطفال بلغت 23.5% من إجمالي سوق كتب التجزئة في الصين عام 2016، بقيمة سوقية تجاوزت عشرة مليارات دولار.

وتعتبر الصين واحدة من أكبر الدول المستوردة للكتب عبر المنصات الإلكترونية، وتلقى الكتب الأجنبية رواجا كبيرا لدى الشباب دون سن الـ 14 البالغ عددهم 220 مليون طفل في الصين.

كما أن أكثر من أربعين ألف كتاب للأطفال نشرت العام الماضي، بما فيها الكتب الأجنبية المستوردة، لتصبح هذه الفئة أكبر شريحة في السوق الصيني المستهدف من حيث الإيرادات.

المصدر : الجزيرة