أتراك هولندا بين الإهانة والاتهام بولاء مزدوج
خالد شمت-الجزيرة نت
وفي نفس الاتجاه رأت الطالبة الجامعية الهولندية ذات الأصل التركي أنيسة نور أن ما جرى الأسبوع الماضي ترك ندوبا عميقة في نفسية مواطنيها، وتمنت معالجة الحكومة الهولندية الجديدة لهذه الندوب، والتركيز على إعلاء قيم الانفتاح والتعايش السلمي في البلاد.
مديح وشجاعة
في المقابل نشرت عدة وسائل إعلام هولندية مديحا من أتراك يعارضون الرئيس أردوغان، لمنع فعالية وزيري الخارجية والأسرة التركيين، واعتبار ذلك شجاعة جاءت متأخرة من السلطات الهولندية.
لكن المحاضر بجامعة روتردام باغلار كويس أوغلو انتقد ردة فعل الحكومتين الهولندية والتركية ووصفها بالانتهازية، وتوقع تسبب الأزمة بين أمستردام وأنقرة في زيادة تعقيدات مشكلة الاندماج التي جرى الحديث حولها طويلا فيما مضى.
ويمثل الأتراك أكبر أقلية في هولندا، وتراوح التقديرات عددهم بين 400 و480 ألف نسمة يحمل قرابة نصفهم الجنسية الهولندية. وحققت هذه الأقلية نجاحا ملموسا في المجتمع الهولندي خاصة بالمجال الاقتصادي، وهو ما دفع صحفا هولندية لتصدير صفحاتها مؤخرا بعناوين رئيسية، مفادها أن الحياة ستتعطل في هولندا إن غادرها الأتراك.
خطاب شعبوي
من جانبه، اعتبر الباحث في قضايا الأقليات والإسلام بأوروبا الدكتور محمود الصيفي أن تحجيم أو اتساع تداعيات الأزمة القائمة على واقع الأقلية التركية بهولندا، متوقف على ما ستتخذه الحكومة الهولندية التي ستتشكل بعد الانتخابات تجاه أتراك البلاد.
ولفت الصيفي في تصريح للجزيرة نت إلى أن أي توجه لاستهداف أتراك هولندا لن يكون سهلا لاعتبارات قانونية ودستورية واقتصادية واجتماعية كثيرة.
وأشار إلى أن هولندا تواجه حاليا مشكلة هي ارتفاع سقف الخطاب الشعبوي واليميني، واستباحته مشكلة مساحات ظلت لوقت قريب من المحظورات ويعاقب عليها القانون.
ورأى الباحث المقيم بهولندا أن عدم انخفاض سقف هذا الخطاب خلال الفترة القادمة، يعني أن يمين هولندا نجح في فرض أجندته ومفرداته التي تركز على استهداف ذوي الأصول الأجنبية، وتتجاهل المشاكل الفعلية التي يعاني منها المجتمع.
تأثير مجتمعي
وفي نفس السياق، اعتبر زكريا الحميدي -وهو ناشط هولندي من أصل مغربي- أن تصاعد الأزمة بين أمستردام وأنقرة بموازاة حديث وسائل الإعلام الهولندية عن الولاء المزدوج لأتراك البلاد، أثر سلبا على علاقة الأقلية التركية بمحيطها في المجتمع الهولندي.
وأشار الحميدي في حديث للجزيرة نت إلى أن معظم الأحزاب الهولندية شنت خلال الأيام الماضية هجوما قويا على حزب "دينك" (ومعناها فكِّر) الذي أسسه تركيان وحصل على ثلاثة مقاعد في انتخابات أمس، واتهامه بأنه ذراع سرية للرئيس التركي في هولندا.
ولفت إلى انزعاج أكثرية أتراك هولندا من حدة الجدل السياسي الدائر حولهم، واعتبار أنه يكرس صورة نمطية سلبية ضدهم لا تخدم قيم العيش السلمي المشترك.
وتخوف الحميدي من أن يدفع حزب الحرية اليميني المتطرف مستقبلا -حتى لو لم يشارك في الحكومة الجديدة- الأحزاب الديمقراطية إلى تبني خطابه التحريضي حتى ترفع شعبيتها.
وأشار إلى أن انشقاق زعيم الحرية خيرت فيلدرز عن الحزب الليبرالي الحاكم بسبب رفضه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، يعكس جانبا من مواقفه تجاه أتراك هولندا.