المعاناة تلاحق صوماليين نزحوا بسبب الجفاف

قاسم سهل-مقديشو
كما أن غلاء أسعار المواد الغذائية والماء في المناطق المتضررة، وعدم استجابة الحكومة والمنظمات الإنسانية بشكل سريع لاحتواء الأزمة، عقدت الأوضاع أكثر. وسجلت في الأسابيع الماضية نحو خمسين حالة وفاة عطشا وجوعا وسط وجنوبي البلاد، مما دفع كثيرين للنزوح نحو المدن الكبرى بينها مقديشو.
بنت إبراهيم -وهي أم لسبعة أولاد- كانت بين من اضطرهم الجفاف للفرار من منطقة أودينلي بمحافظة باي، وقد روت قصتها للجزيرة نت وهي جالسة في غرفة ضيقة حشر فيها عشرات من نازحي الجفاف بمخيم "عدالة" في ضواحي مقديشو.
تقول بنت إبراهيم إن الأمطار لم تهطل لسنتين فقلَت المراعي حتى فتك العطش والجوع بالمواشي، ولم يكن أمامهم خيار سوى النجاة بأنفسهم فباعوا متاعهم كي يسافروا إلى مقديشو.

حياة صعبة
مكة عبد الله -وهي أم لخمسة أولاد وحامل في شهرها التاسع- نزحت بدورها من قرية في محافظة باكول غربي الصومال بسبب الجفاف الذي أفقرهم وقضى على مواشيهم فاضطروا لترك قريتهم.
تقول مكة للجزيرة نت إنهم وصلوا إلى مقديشو قبل أسبوع، ليبدأ فصل آخر من المعاناة. وتضيف "الحياة هنا صعبة، فلا يتوفر مأوى ولا غذاء ولا حليب لأولادنا.. نعيش في مخيم مع نازحين سابقين، ونقتات مما يتصدق به بعض الجيران من طعام قليل".
من جهتها تحدثت مديرة مخيم "عدالة" زهرة موسى عن وصول نحو مئتي عائلة نزحت في الأيام الثلاثة الماضية من جنوبي الصومال إلى مخيمهم في الضاحية الجنوبية لمقديشو، وقالت إن عدد هؤلاء أكبر بكثير لكنهم توزعوا على مخيمات عدة في ضواحي العاصمة، بينما لجأ آخرون إلى أقربائهم داخل مقديشو، مؤكدة أن النازحين الجدد يعيشون أوضاعا مزرية.
وفي الفترة الأخيرة أكدت الأمم المتحدة أن الصومال يواجه كارثة وشيكة وعلى حافة مجاعة، وأوضحت أن نصف سكان البلاد (نحو 6.2 ملايين) يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما يتوقع ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد من 185 ألفا إلى 270 ألفا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأضافت المنظمة الدولية أن الحد من آثار الجفاف وإرسال مساعدات عاجلة يتطلب توفير 450 مليون دولار في غضون الأشهر القادمة.

جهود محلية
غير أن جهودا محلية هي ما يخفف آثار الجفاف جزئيا، إذ هب الصوماليون على مستوى الأفراد والقبائل إلى نجدة مناطقهم ومساعدة المنكوبين بتوفير الماء والاحتياجات الأساسية، بحسب عضو اللجنة الوطنية لمواجهة الجفاف عبد أحمد بافو.
وقال بافو للجزيرة نت إن هذه الجهود لا تكافئ حجم تداعيات الجفاف الذي عم أرجاء الصومال، بخلاف الجفاف الذي شهدته البلاد قبل سنوات والذي كان مقصورا على مناطق الجنوب.
وأضاف أن الأمم المتحدة استلمت 32 مليون دولار من أصل أكثر من 800 مليون دولار طلبت قبل شهر توفيرها لمواجهة التداعيات الإنسانية في الصومال.
من جهتها تعهدت الحكومة الصومالية بجمع خمسة ملايين دولار خلال ثلاثة أشهر عبر مساهمات تقتطع من رواتب المسؤولين والموظفين الحكوميين، وفرض رسوم إضافية مؤقتة على البضائع المستوردة والمسافرين عبر الميناء والمطار الدوليين في مقديشو. يذكر أن الجفاف الذي ضرب مناطق جنوب الصومال عام 2011 أودى بحياة 260 ألف شخص، نصفهم من الأطفال.