زيارة مرتقبة للرئيس الإيراني تفجر الجدل بالجزائر
عبد الحميد بن محمد-الجزائر
ما إن أعلن السفير الإيراني في الجزائر رضا عامري عن زيارة قريبة للرئيس حسن روحاني إلى الجزائر، حتى أطلق نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي حملة مناهضة للزيارة سموها "لا لروحاني في الجزائر".
وأرجع ناشطون حملتهم إلى ما اعتبروه "تدخلا إيرانيا في شؤون بعض الدول العربية وتأجيجها للصراعات الطائفية، بالإضافة إلى نشاط ملحقها الثقافي في الجزائر، وتشجيعها نشر التشيّع".
بالمقابل يرى آخرون أن العلاقات بين البلدين تتجاوز هذه الأحداث العابرة، وأن الربيع العربي زادها متانة ورسوخا، كما أن مجالات التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين الجزائر وإيران تتجاوز هذه الاعتبارات.
وقد زار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة طهران مرتين منذ انتخابه عام 1999، في حين زار الجزائر ثلاثة رؤساء إيرانيين، بالإضافة إلى تبادل الزيارات على مستوى الوزراء.
وكانت الجزائر قد قطعت علاقتها الدبلوماسية مع إيران عقب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في ديسمبر/كانون الأول 1991، واتهم رئيس الحكومة الجزائرية في تلك المرحلة رضا مالك إيران بدعم الإسلاميين، قبل أن تعود العلاقات الدبلوماسية عام 2000 بعد عام من تولي بوتفليقة السلطة.
رفض وغضب
ويقول الناشط السياسي أنور مالك للجزيرة نت إن حملة "لا لروحاني في الجزائر" محاولة للتعبير عن "رفضنا لما تقترفه إيران من جرائم في العالم العربي والإسلامي".
ومع يقينه أن مثل هذه الحملات لا يمكنها التأثير على موقف السلطات الجزائرية، "لكن من واجبنا أن نوصل الرسالة بخصوص غضب الشعب الجزائري مما تقترفه إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان والأحواز".
وبحسب مالك، فإن الحملة حققت نجاحا باهرا، "فعلى مدى ثلاثة أيام يتصدر الوسم (الهاشتاغ) في الجزائر ودول عربية أخرى، وسيتمدد مستقبلا كلما همّ الرئيس الإيراني بدخول أي بلد عربي".
ويضيف "نريد أن نقول لإيران التي كانت تراهن كثيرا على الشعوب في تصدير ثورتها، إن هذا التصوّر لم يعد يجدي الآن، فالشعوب أجمعت على رفض نظام الملالي ومخططات التخريب في الدول العربية والإسلامية".
ويؤكد مالك أن إيران تنشط كثيرا في الجزائر بالتعاون مع سفارتي لبنان والعراق في نشر شبكات التشييع، "ونحن بهذه الحملة أردنا قرع أجراس الخطر وفضح مخططات الملالي في شمال أفريقيا".
علاقات منتظمة
وبالمقابل يعتقد مدير صحيفة "الجزائر" أحسن خلاص أن الزيارة المرتقبة للرئيس حسن روحاني إلى الجزائر تدخل ضمن العلاقات المنتظمة بين الحكومتين والتنسيق القائم بشأن قضايا الشرق الأوسط خاصة، مشيرا إلى التطابق في وجهات نظر البلدين في الملف السوري وبدرجة أقل في الملف اليمني.
وبرأي خلاص فإن كلا من طهران وبغداد ودمشق والجزائر "تشكل محورا واضحا في هذا المجال"، كما أن الجزائر تنتهز فرصة تقاربها مع طهران لدعم ملف تخفيض إنتاج أوبك والعلاقات الاقتصادية الثنائية.
ويستغرب خلاص في حديث للجزيرة نت إطلاق الناشط أنور مالك حملة مناهضة لزيارة روحاني، في حين "لا نجد إيرانيا أو قريبا من إيران يبدي انزعاجا من العلاقات مع قطر أو السعودية مثلا".
من جانبه يشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة المسيلة محمد بوضياف إلى المستوى الجيد للعلاقات بين الدولتين رغم ما شابها أثناء الأزمة الأمنية التي مرت بها الجزائر.
ويرى بوضياف في حديث للجزيرة نت أن أحداث الربيع العربي زادت من متانة هذه العلاقات، "لكن إيران تحاول استغلال هذا الوضع لتزيد من مكاسبها واستمالة الجزائر للوقوف معها للدخول إلى أفريقيا رهان القوة الاقتصادية الصاعدة".
ويستدرك بوضياف أن المواطن قد يتفهم هذه الرهانات لكنه يرفض أن يتسلل شيء من التشيع عبر بوابة التعاون الثقافي، مؤكدا أن التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والمالي بين البلدين يجب أن يبقى في حدود سلامة أمن الجزائر الثقافي، "ولا نريد أن نرى ما يحدث في سوريا والعراق ولبنان يتكرر على أرضنا".