بذكرى التنحي.. رحل مبارك وعاد النظام
صادف السبت الذكرى السادسة لتنحي الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك في أعقاب ثورة 25 يناير. ورغم الفرحة العارمة التي عمت المصريين بهذه المناسبة، فإن أحداث السنوات الست التالية بدّلت كثيرا من أحوال الثورة والثوار الذين بات معظمهم بعد الانقلاب العسكري بين قتيل وسجين ومطارد.
ومثّل تنحي مبارك لحظة تاريخية رغم ما تكشف لاحقا من أن ذلك ربما لم يكن رضوخا للثورة، بل ليفسح المجال لدولة العسكر العميقة كي تنفذ على مهل مخطط إجهاض حلم يناير.
وقدّم المجلس العسكري، الذي كلفه مبارك بإدارة شؤون البلاد، نفسه للثوار داعما لهم محتفلا بشهدائهم، وهو ما صدقه كثيرون في حينه، لكن الشهادات التي أدلى بها عسكريون مصريون في السنوات التالية تؤكد أن مؤسسات الجيش والمخابرات عمدت إلى تفريق ثوار يناير بالانفراد بكل فريق بعيدا عن الآخرين.
ولعل من أدار المشهد من وراء ستار تعمد المضي قدما في إجراءات تعزز نشوة النصر لدى فريق الثورة، فقدم مبارك ورموز نظامه لمحاكمات، لكنها لم تكن ثورية. في حين أسهمت نشوة النصر تلك في إرخاء قبضة الثورة على أهدافها ووحدة أبنائها تدريجيا.
فلم ينصرم عام الثورة الأول حتى طغى الشقاق على رفقاء الثورة وألقى بظلاله حتى على أجواء الميدان التي لم تعد يوما كما كانت.
ثورة مضادة
ورغم صعود أول رئيس مدني إلى سدة الحكم من بين صفوف يناير، عملت مؤسسة الجيش على أن يكون من يومه الأول بلا صلاحيات فعلية، كما اشتغل الإعلام الذي ثبت لاحقا أنه كان من أذرع الثورة المضادة بإفشال الرئيس محمد مرسي تضخيما لأخطائه وتشويها لما يحققه.
ولم ينصرم عام واحد للرئاسة المدنية حتى نفذ قائد الجيش عبد الفتاح السيسي انقلابه العسكري مجهضا تجربة يناير، ومعيدا عجلة الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر عقودا قبل الثورة.
لم يتضرر القابضون على جمرة يناير وحدهم من انقلاب 2013، بل تشوّهت بذات القدر صورة الجيش الذي حيّا الثوار من قبل، ليصوّب نحو بعضهم لاحقا رصاص بنادقه مسقطا آلاف الضحايا في مذابح عديدة بحق رافضي الانقلاب.
وتبدلت كل المشاهد والمقاعد دون استثناء تقريبا، فقد حبس الرئيس المدني ومثل مع آلاف آخرين أمام محاكم شككت في نزاهتها تقارير دولية. في المقابل اكتملت فصول ما يعرف بمسلسل البراءة للجميع، واحتفل آل مبارك وسائر أركان نظامه بالخلاص مما لحقهم من تهم فساد وقتل.
عاد نظام مبارك آمنا بلا حساب، بينما لم يعد ثوار يناير ولو إلى مقاعدهم قبل الثورة، فلم يعد منهم بعد ست سنوات سوى قتيل أو سجين أو طريد.