ماذا يعدّ النظام لغوطة دمشق الشرقية؟

من مظاهرات الغوطة الشرقية الرافضة للتهجير
مظاهرة في الغوطة الشرقية رفضا لتهجير أهلها كما حدث في مناطق أخرى بريف دمشق (الجزيرة نت)

سلافة جبور-دمشق

"نعيش في الأيام الأخيرة حربين تطحنان ما بقي فينا من قوة؛ فأسلحة النظام وحلفائه تقصفنا ليل نهار، وإشاعاته تبث في نفوسنا رعبا من مجهول ينتظرنا".

بهذه الكلمات عبر أبو سامر عن الحال التي يعيشها سكان غوطة دمشق الشرقية المحاصرة من قبل قوات النظام السوري منذ أكثر من أربعة أعوام.

ويؤكد أبو سامر أن الآلاف داخل الغوطة لم يعرفوا الراحة منذ أسابيع وهم تحت رحمة طيران النظام ومدفعيته التي تشن هجمات من محاور متعددة، مما يدفعهم للتساؤل عن المصير الذي يعدّه لهم، متجاهلا الهدنة التي تعيشها البلاد منذ أواخر العام الماضي.

ويقول الرجل الأربعيني للجزيرة نت "الإشاعات تنتشر في الغوطة انتشار النار في الهشيم"، ويضيف أن "الخروج في حافلات خضراء؟ المزيد من الموت والدمار؟ وحده الله يعلم ما تخبئه لنا الأيام القادمة".

فبعد تهجير الآلاف من سكان غوطة دمشق الغربية وبلدات أخرى كالتل والهامة وقدسيا، يتخوف قاطنو الغوطة الشرقية من مصير مشابه يروج له النظام السوري، ويلوح به في وجه أكبر معاقل معارضيه في محيط العاصمة دمشق.

‪المدنيون في الغوطة الشرقية محاصرون منذ أكثر من أربع سنوات‬ (الجزيرة نت)
‪المدنيون في الغوطة الشرقية محاصرون منذ أكثر من أربع سنوات‬ (الجزيرة نت)

معبر للخروج
فيوم الجمعة الماضي أعلنت وسائل إعلام مقربة من النظام فتح معبر مخيم الوافدين المجاور لمدينة دوما للراغبين في مغادرة الغوطة الشرقية من المدنيين والمسلحين بعد تسليم أسلحتهم، مع تحديد أوقات معينة لعمل المعبر، مبررة ذلك برغبة النظام و"مركز المصالحة الروسي" في مساعدة المدنيين الذين "يمنعهم مسلحو جبهة النصرة من المغادرة".

ويبرر النظام السوري وحلفاؤه مهاجمة مساحات واسعة من الغوطة الشرقية بتواجد تنظيم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، وهو تنظيم لا تشمله الهدنة في سوريا، كما يتذرع بحوادث قصف متتالية تعرضت لها السفارة الروسية بدمشق من قبل "إرهابيين في الغوطة" خلال الأسبوع الفائت.

وأثار إعلان فتح المعابر سخرية كثيرين، ومنهم الناشط الإعلامي علاء الأحمد، الذي رأى أنه "مهزلة تؤكد عدم قدرة النظام على السيطرة على الغوطة ميدانياً مما يدفعه للجوء لحلول بديلة"، أما الشاب نور فأكد للجزيرة نت عدم ثقة أهل الغوطة في معابر النظام التي لا تهدف إلا إلى تهجيرهم من أرضهم.

‪أحد المنشورات التي ألقتها طائرات النظام السوري الحربية فوق الغوطة‬ (ناشطون)
‪أحد المنشورات التي ألقتها طائرات النظام السوري الحربية فوق الغوطة‬ (ناشطون)

حرب نفسية
وتزامن ذلك مع إلقاء الطيران الحربي منشورات على أماكن متفرقة في المنطقة المحاصرة، تصوّر الحافلات الخضراء التي يستخدمها النظام لنقل مقاتلي المعارضة من محيط دمشق إلى شمال البلاد مع عبارات تحث حاملي السلاح على الخروج وتسوية الأوضاع أو الرحيل.

وامتدت هذه الحرب النفسية لتشمل سكان دمشق وبعض الضواحي الأخرى، الذين يستقبلون بشكل يومي رسائل نصية على هواتفهم المحمولة، تدعو سكان الغوطة الشرقية لمقاطعة المسلحين، وتحث حاملي السلاح على تسليم سلاحهم، وتروج للمصالحة الوطنية على أنها السبيل الوحيد لعودة الأمان واستئناف مظاهر الحياة الطبيعية كالتعليم وتوزيع المساعدات.

ولم تكتفِ هذه الإشاعات بنشر الخوف والحيرة في نفوس سكان الغوطة، بل أدت أيضا إلى فقدان كثير من المواد الغذائية من الأسواق بعد إقبال الناس على شرائها تخوفاً من أيام قادمة أسوأ، الأمر الذي أسهم في رفع الأسعار بشكل غير مسبوق.

ويرى الناشط الإعلامي أنس الخولي في حديث للجزيرة نت أن هجمات النظام على مناطق سيطرة معارضيه قبيل أي مفاوضات مرتقبة باتت أمراً معتاداً ومتوقعاً، حيث يهدف إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الميدانية والضغط على مقاتلي المعارضة لقبول شروطه.

وبحسب الخولي، فإن جبهات متعددة أهمها المرج وجوبر -الأقرب لدمشق- تشهد معارك عنيفة بين الطرفين، ستتكشف نتائجها خلال الأيام المقبلة، "فإما حرب ضروس لا هوادة فيها، وإما هدنة تجنبنا المزيد من الدماء والخراب".

المصدر : الجزيرة