تسارع الأحداث باليمن.. تمهيد لحل أم تأسيس لأزمة جديدة؟
سمير حسن-عدن
آخر هذه التطورات جاءت على لسان رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر السبت الماضي عندما أشار إلى أن العميد أحمد نجل الرئيس الراحل علي صالح سيكون جزءا من مستقبل البلاد، في حين أعلنت جماعة الحوثي أنها ستفرج عن الموقوفين خلال المواجهات الأخيرة مع قوات صالح.
وتناغم ذلك مع تصريحات لمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قال فيها إن "هناك مجالا للحوثيين في التسوية السياسية باليمن إذا لم يهاجموا السعودية أو يهددوها"، مؤكدا أنه لا حل عسكريا للأزمة اليمنية.
لكن التطور الأهم كان في منتصف الشهر الجاري عندما التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان لأول مرة بقادة حزب "الإصلاح" اليمني، في خطوة غير مسبوقة حملت دلالات مهمة بشأن مرحلة مختلفة وخريطة تحالفات جديدة تعمل دول التحالف على نسج خيوطها.
جولات الحوار
تلا ذلك لقاء الأمين العام لحزب الإصلاح عبد الوهاب الآنسي بسفير روسيا الاتحادية في اليمن، وأشاد الأخير بدور الحزب في كل جولات الحوار وانحيازه الدائم للخيارات الوطنية، وقبله التقى رئيس الإصلاح اليدومي بالسفير الأميركي في اليمن الذي ثمّن دور الحزب في الدفع بالعملية السياسية بصورة دائمة.
وبينما لم تتضح مسارات هذه التطورات السياسية المتلاحقة إلى الآن، تبدو الساحة اليمنية مفتوحة على أكثر من احتمال، في وقت تتزايد فيه المخاوف من ترتيبات سياسية قادمة تأتي على حساب تفكك الدولة اليمنية، خاصة مع استمرار سيطرة الحوثيين في الشمال وصعود الانفصاليين في جنوب اليمن.
وما يثير المخاوف هو النشاطات الانفصالية المتصاعدة لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، والذي أكد رئيسه عيدروس الزبيدي أن قيام دولة الجنوب المستقلة ينسجم مع الموقف الخليجي. وجاءت تصريحات الزبيدي عقب إعلانه عن تأسيس أول برلمان جنوبي في عدن السبت الماضي.
وفي محاولة لتفسير هذه التطورات، يرى أستاذ العلاقات الدولية عادل المسني أن هناك ثلاثة سيناريوهات، أولها محاولة توظيف ما يجري في صنعاء وضغط الواقع الحوثي بتكتيك مقابل أن يتم من خلاله إعادة ترتيب التحالفات بشكل يتجاوز الثورة وقواها ويذيب مكوّن الشرعية في ائتلاف مع حزب المؤتمر الشعبي ليكون هو الغالب في أي صيغة حل قادمة.
القوى السياسية
وعن السيناريو الثاني، قال المسني للجزيرة نت إن هذا المسار يبقى مرتبطاً برفض الإصلاح أي تفاهمات خارج إطار الشرعية اليمنية والقوى السياسية المشاركة فيها، وهنا يمكن قبول المؤتمر الشعبي مكوّنا يتبع الشرعية بعد الاعتراف بها والعمل تحت لوائها وإعادة قراءة المشهد على نحو مغاير لما كان في السباق.
أما السيناريو الثالث فهو فرض مسألة التحالف بين الشرعية وحزب المؤتمر وفق خطوط واضحة تتلخص في الدفاع عن الجمهورية ومواجهة الخطر المشترك دون التعرض للشرعية أو الانقلاب.
وأضاف أنه في خطوات لاحقة يعاد ترميم البيت الشرعي وفق أدبيات أجندات التحالف العربي، لا عبر أدبيات الثورة ليعود أحمد نجل الرئيس الراحل علي صالح إلى الواجهة بديلاً مفروضا ومدعوما بشرعية التحالف والانتصارات الميدانية أو التفاوضية لتمضي الأحداث إلى إعادة واقع الثورة المضادة تدريجيا ودون كبير استثارة لمشاعر شباب الثورة.
غير أن رئيس مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية عبد السلام محمد استبعد إمكانية عودة أحمد للحياة السياسية، وقلّل من مخاطر تداعيات التصعيد الانفصالي في الجنوب على وحدة اليمن.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هناك عقوبات دولية ضد العميد أحمد نجل الرئيس الراحل ضمن قرارات مجلس الأمن، لكن يمكن خلال الفترة القادمة لمّ شتات المؤتمر الشعبي العام مع أن ذلك صعب ويحتاج لوقت طويل.
انفصال غير آمن
واعتبر أن إجراءات المجلس الانتقالي باتجاه الانفصال تظل تحت ما يعرف بالانفصال غير الآمن لأسباب داخلية وخارجية، منها أن الانتقالي يمثل طرفا سياسيا واحدا من أطراف الحراك الجنوبي وغير مجمع عليه ويفرض إجراءاته بقوة التحالف العربي، فضلاً عن كون الانفصال يحتاج إلى دعم إقليمي ودولي، وهذا أمر مستبعد حاليا.
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن لقاء قيادة التحالف بقيادة الإصلاح نقطة تحول في موقف التحالف الذي ظل يتعامل مع الإصلاح كأحد أهداف معركته في اليمن، لكنه رأى أن مسار الأحداث لا يشير إلى أن التحالف العربي ممسك بخيارته الإستراتيجية التي تجعل من هزيمة الحوثيين وإيران النهاية المنطقية لهذه الأحداث.
وقال في حديث للجزيرة نت إنه لا يمكن فهم بقاء السلطة الشرعية اليمنية خارج خريطة التأثير الميداني إلى الآن، إلا أنه يأتي في سياق خلط الأوراق وتعقيد مسار الحل ضمن المرجعيات المقرة، بما يسمح بإنتاج حلول قد تكرّس انقسام اليمنيين وتفكك دولتهم.
وأضاف أن الحرب أفرزت واقعا جديدا غاب فيه لاعبون أساسيون وتتواصل المؤامرات على لاعبين مؤثرين واختاروا الاصطفاف مع الشرعية، وفي موازاة ذلك يجري التمكين لقوى ما قبل الوطنية كالحوثيين والقوى التفكيكية كالحراك الانفصالي، وهي القوى التي تمسك بالأرض وتستأثر بالموارد والمؤسسات.