الفلسطينيون في لبنان.. تعداد يخالف التقديرات
وسيم الزهيري-بيروت
في خطوة متقدمة هي الأولى من نوعها منذ استضافة لبنان للاجئين الفلسطينيين قبل نحو سبعين عاما، تم إنجاز التعداد العام للسكان والمساكن بالمخيمات والتجمعات الفلسطينية ليضع حدا لسنوات من التفاوت في تقدير الأرقام وتعدد مصادرها، لكنه في الوقت نفسه شكل مفاجأة لكثيرين من حيث تدني الأعداد.
فبعد إحصاءات سابقة وضعتها هيئات لبنانية ودولية كانت تشير في بعضها إلى تخطي أعداد الفلسطينيين في لبنان عتبة نصف مليون لاجئ، أسدل الستار على أكبر عمل إحصائي يشمل اللاجئين الفلسطينيين.
وشمل التعداد -الذي تشارك في إنجازه إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وبإشراف لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني- 12 مخيما و156 تجمعا سكانيا وهي معظم أماكن الوجود الفلسطيني في لبنان.
وبينت الأرقام التي أفضى إليها التعداد أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات السكانية بلغ 174422 فردا، وأظهرت النتائج أيضا أن 45.1% من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون بالمخيمات مقارنة مع 54.9% منهم يعيشون في التجمعات الفلسطينية والمناطق المحاذية.
كما أظهر التعداد أن عدد اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات سجل 114206 أفراد بينهم 65.4% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، و7.4% من نازحيهم من سوريا.
معالجة الواقع
وقال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة إن إنجاز هذا العمل استغرق ما يقرب العام، وإن الهدف منه إعطاء مقاربة لبنانية جديدة تجاه الفلسطينيين تتجاوز الخلافات الماضية.
وأشار منيمنة -في حديث إلى الجزيرة نت– إلى أن التعداد أبرز دلالات عديدة ستوجه العلاقات اللبنانية الفلسطينية مستقبلا أهمها إمكانية كسر الكثير من المحرمات السائدة.
ورأى أن أهمية التعداد تبيان لواقع عيش الفلسطينيين في لبنان، مشيرا إلى وجود معطيات سابقة عن انخفاض أعدادهم منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وما أعقبه من خروج عشرات آلاف الفلسطينيين إلى دول أخرى استمرت بعده لسنوات.
وقال إن التعداد أضاء على واقع الفلسطينيين الاجتماعي والاقتصادي بهدف توفير إمكانية أمام الدولة اللبنانية لمعالجة أوضاعهم، ولفت إلى أن استمارة التعداد شملت أكثر من تسعين سؤالا تعلقت بأماكن السكن والشوارع والمياه والتعليم وغيرها.
وأكد منيمنة أنه لا توجد قوة يمكن أن تفرض توطين الفلسطينيين في لبنان نتيجة قرار لبناني فلسطيني واضح في هذا المجال.
التعداد بيّن أيضا تركز الفلسطينيين في منطقة صيدا جنوب لبنان بواقع 35.8%، ثم في الشمال بواقع 25.1%، أما في العاصمة بيروت فبلغت النسبة 13.4%.
وقد ضمت هذه الوحدات السكنية حوالي 55473 أسرة، وبلغ متوسط حجم الأسرة أربعة أفراد، كما أظهر التعداد أن إجمالي نسبة الأمية في صفوف الفلسطينيين بلغ 7.2%، وحجم القوة العاملة 51393 فردا، بينما سجلت نسبة البطالة 18.4% من القوى العاملة.
أهمية الحقوق المدنية
وتعليقا على نتائج التعداد، اعتبر الكاتب الصحفي هيثم زعيتر أن الأرقام قد تكون صادمة للبعض بسبب ما سماه المبالغات السابقة في هذا المجال.
وقال زعيتر للجزيرة نت إن أهمية هذا التعداد هي الرد على من يهولون بأن الفلسطينيين في لبنان يشكلون عبئا أمنيا وديموغرافيا واقتصاديا، مشيرا إلى اتضاح أنهم يشكلون جالية صغيرة.
وأوضح أن ما يقارب ملياري دولار يقوم الفلسطينيون العاملون في الخارج بتحويلها سنويا لعائلاتهم في لبنان مما يساهم في تعزيز الاقتصاد اللبناني.
وشدد على وجوب إقرار الحقوق المدنية للفلسطينيين مما يساهم بحل الكثير من القضايا الأمنية والحياتية، كما أمل زعيتر بتخصيص وزارة خاصة تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين.