هل نفذ "أبو عبد البر الأميركي" هجوم لاس فيغاس؟
"أبو عبد البر الأميركي" كما قال تنظيم الدولة، أم "ستيفان بادوك" وفقا لإعلان الشرطة الأميركية، هو من نفذ عملية إطلاق النار في لاس فيغاس فجر أمس الاثنين، وقتل فيها 59 شخصا وجرح أكثر من خمسمئة.
وأطلق ستيفان بادوك (64 عاما) النار على نحو 22 ألف شخص كانوا يحضرون حفلا موسيقيا من شرفة غرفته في فندق مانديلا باي بلاس فيغاس.
ويثير إعلان تنظيم الدولة تبنيه العملية جدلا واسعا؛ فالسلطات الأميركية تقول إن بادوك هو "أميركي أبيض" معروف بسجله الإجرامي، في حين يؤكد تنظيم الدولة أن المنفذ اعتنق الإسلام منذ عدة أشهر، وأنه من "جنود الخلافة" واسمه "أبو عبد البر الأميركي".
وبينما استبعدت السلطات الأميركية أن يكون لما وصفته "بالإرهاب الدولي" أي دور في الحادث الذي نفذه ستيفن بادوك، يرى خبراء ومطلعون على أسلوب التنظيم في تنفيذ وتبني العمليات أن وقوف التنظيم وراء العملية ممكن إلى درجة كبيرة.
جنود الخلافة
ويضيف إعلان تبني التنظيم من عدمه للعملية مرة أخرى الجدل للتعريف الغربي عموما والأميركي خصوصا للإرهاب، الذي يرى مراقبون أنه بات يرتبط بهوية المنفذ أكثر من ارتباطه بفعل القتل الذي يستهدف المدنيين.
وسارع تنظيم الدولة مساء أمس الاثنين إلى إعلان تبنيه حادثة لاس فيغاس، وبارك تنفيذها من قبل من وصفه "بأحد جنود الدولة الإسلامية".
وجاء في بيان بثته وكالة أعماق الناطقة باسم التنظيم "بعد رصد دقيق لتجمعات الصليبيين في مدينة لاس فيغاس الأميركية، كمن أحد جنود الخلافة (أبو عبد البر الأميركي) مزودا بأسلحة رشاشة وذخائر متنوعة في فندق مطل على حفل موسيقي فأطلق النار على جموعهم موقعا منهم 600 ستمئة ومصاب حتى نفذت ذخيرته وترجل شهيدا".
غير أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي نفى أي صلة بين الحادث وما وصفه "بأي مجموعة إرهابية دولية"، وهو ما استبعده أيضا قائد شرطة لاس فيغاس جوزيف لومبادرو، إلا أنه نوه إلى عدم تمكن السلطات الأمنية بعد من معرفة "طبيعة المعتقدات التي يؤمن بها منفذ الهجوم".
وتابع لومبادرو قائلا "لا توجد أدلة على اعتناق منفذ هجوم لاس فيغاس الإسلام، كما أنه لا يمتلك رصيدا من الجرائم السابقة"، حسب ما نقلته عنه وكالة أسوشيتد برس.
غير مستبعد
ولا يستبعد الخبير في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية وقوف تنظيم الدولة وراء هجوم لاس فيغاس، ويرى أن التنظيم لم يسبق له تبني تنفيذ عملية لم ينفذها فعلا.
وقال أبو هنية للجزيرة نت "أنا متأكد من أن التنظيم هو من نفذ العملية ما دام أعلن ذلك، وخبرتنا في بيانات التنظيم أنه دقيق في مثل هذه الإعلانات".
ولفت إلى أن التنظيم قد يفاجئ العالم بتسجيل أو أي شكل يؤكد أن المنفذ أدى بيعته للتنظيم كما حدث مع منفذ حادثة نيس، أو أن يكتشف مكتب التحقيقات الفيدرالي صلة ما بين المنفذ والتنظيم، "ولكن بعد أن تبرد القصة مما يجعل أثرها أقل وقعا في الإعلام والشارع الأميركي".
ويلفت أبو هنية إلى أن تنظيم الدولة أثبت دقته في تبني هذا النوع من الإعلانات، سواء بالقول إن المنفذ "أحد جنود الخلافة"، وهو ما يشير إلى أن المنفذ بايع التنظيم، أو أن يكون "مناصرا للتنظيم" كما حدث مع عمر متين الذي أطلق النار في يونيو/حزيران 2016 داخل ملهى ليلي للشواذ بمدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية فقتل خمسين وأصاب 53 آخرين.
الإرهاب بالهوية
غير أن الجدل عاد مجددا لاستبعاد السلطات الأميركية ربط الحادث بالإرهاب، وعدم ورود مفردة الإرهاب سوى في الربط بينه وبين تنظيم الدولة، أو أن يكون المنفذ قد اعتنق الإسلام.
وبرأي أبو هنية فإن الولايات المتحدة لا تزال تربط بين الإرهاب وهوية المنفذ، دون النظر للفعل وبشاعته، وهو أمر تراجعت عنه دول أوروبية مثل بريطانيا، عند وصفها حادثة قيام عنصري بريطاني بدعس مسلمين فيها قبل أشهر قليلة.
ويقول أيضا إن تعريف الإرهاب لم يطلق على جرائم خطيرة جدا كعملية أوكلاهوما الشهيرة، أو الحادثة المروعة في مخيم للشبان في النرويج، وغيرهما من الحوادث التي تعيد الجدل كل مرة لتعريف الإرهاب، وهل يجب أن يكون المنفذ مسلما أو ذا ملامح شرق أوسطية حتى يتم ربطه بالإرهاب، أم أن مجرد قيام أبيض وذي ملامح غربية يدفع للتمهل والانتظار أو استبعاد الربط بالإرهاب.
ويخلص لاعتبار أن "العنصرية" في تعريف الإرهاب تؤكد الحاجة لتعريف الإرهاب بناء على الأفعال، دون انتظار هوية أو ملامح أو جنسية وديانة المنفذ.