ما دلالات "معركة الصحون" في المشهد السياسي المغربي؟
الحسن أبو يحيى-الرباط
وإثر ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال المغربي عادل بن حمزة إرجاء انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية للحزب إلى السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
مستوى الاحتقان
وفي حديثه للجزيرة نت قال الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال تعليقا على "معركة الصحون" إن ما وقع من أحداث معزولة "لا تشرفنا كمناضلين، لكنه يكشف عن مستوى الاحتقان الذي يعرفه الحزب منذ نهاية 2015، الذي أسهمت فيه أطراف خارجية وأخرى داخلية".
وقال بنحمزة إن ضعف النقاش السياسي حوّل محطة المؤتمر العام إلى محطة انتخابية صرفة تستغلها بعض الأطراف لتأجيج الوضع الداخلي لتشتيت الحزب وتغيير هويته بدل مساعدته على التماسك والوحدة.
من جانبه، رأى المحلل السياسي يونس دافقير أن هناك تدنيا مقلقا في مستوى التنافس الحزبي الذي لا يعتمد عموما على البرامج والمشاريع الفكرية، بل يتم على أساس الشخصنة وتجييش الأتباع و"شيطنة" الآخر وتخوينه، وذلك بسبب صعود الخطاب الشعبوي والزعامات الصدامية، وتراجع وظيفة التأطير العقلاني.
وأضاف دافقير للجزيرة نت أن الأحزاب لم تعد تُخضع قواعدها للتكوين السياسي والفكري، بل صارت علاقتهم بالحزب وقياداته قائمة على المصلحة والزبونية، وأحيانا تحكمها اعتبارات عرقية أو مناطقية.
وفي السياق ذاته، يرى دافقير أن الانفتاح السياسي الذي جعل الأحزاب شريكا في السلطة ولّد داخلها تطاحنا بسبب الطموحات الشخصية، فبعد أن كان الزعيم هو ذلك الشخص القادر على صياغة أطروحة فكرية، انتقلنا إلى زعامات جديدة تتحد بقدرتها على توزيع الامتيازات والمنافع المادية والرمزية.
لكن القيادية في حزب العدالة والتنمية المغربي آمنة ماء العينين تعتقد بأن ما تعاني منه بعض الأحزاب المغربية اليوم ليس إلا نتيجة طبيعية للتدخل في شؤونها والمس باستقلاليتها واستعمال كل الوسائل غير المشروعة لتوجيهها وفق اختيارات معينة، وهو ما حول هذه الأحزاب من حاضنة طبيعية للمشاريع السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى فضاء لتحقيق المآرب الخاصة ولو بوسائل التجييش والإغراق بأفراد لم يخضعوا للتكوين أو للتأطير السياسي.
الديمقراطية الداخلية
وبشأن مسؤولية الأحزاب السياسية في ما يقع من سلوك البلطجة والتجييش في المحطات الكبرى كالمؤتمر الوطني، تقول ماء العينين إن بعض الأحزاب تنهج طرقا غير مشرفة وغير ديمقراطية في تدبير شؤونها التنظيمية.
وتضيف أن القيم نفسها التي تُخرق بالعنف قد تُخرق بممارسات أخرى خفية، وأخرى ظاهرة كالتصفيق والإجماع المصطنع والموجه، "ولهذا أعتبر أن العاصم للأحزاب من هذا السلوك هو الديمقراطية الداخلية الحقيقية واستقلالية القرار الحزبي عن كل أدوات الضبط والتوجيه".
وسبق لتجمعات كبرى لأحزاب سياسية أن شهدت أعمال عنف وبلطجة بين صفوف أعضائها، كما وقع في تجمع خطابي لحزب الأصالة والمعاصرة بمدينة الدار البيضاء صيف 2015، وكما هو الشأن بالنسبة للمؤتمر الوطني العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي بالرباط في مايو/أيار 2017.