الإسلاموفوبيا يقوض حرية التعبير في فرنسا

مواطتنتان فرنسيتان في مظاهرة للتنديد بمنع الحجاب في المدارس. خاص بالجزيرة نت ، عن تنسيقية مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا
الهيئات الحقوقية حذرت مرارا من تنامي ظاهرة العنصرية ضد المسلمين في فرنسا (الجزيرة)
هشام أبو مريم-باريس
 
ألغت جامعة ليون الفرنسية ندوة أكاديمية حول ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا، بعد حملة في وسائل
التواصل الاجتماعي قادتها جمعيات ومنظمات ومثقفون معروفون بتبنيهم أطروحات اليمين المتطرف الفرنسي، ما اعتبر نكوصا في مجال حرية التعبير "ببلاد النور".

الندوة كان يفترض أن تعقد في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وكانت تحت عنوان "محاربة الإسلاموفوبيا.. رهان من أجل المساواة"، وكان مبرمجا أن يحضرها ثلة من الأكاديميين الفرنسيين البارزين، إلى جانب باحثين يمثلون النخب المناهضة للعنصرية في فرنسا، إضافة إلى ممثل عن الاتحاد الأوروبي في مجال محاربة العنصرية.

وفي بيان صدر عن رئاسة جامعة ليون، تقرر إلغاء الندوة تحت ذريعة "عدم توفر الشروط والضمانات من أجل نقاش هادئ ومثمر".

فضيحة
واستهجن عدد من الأكاديميين الفرنسيين البارزين القرار، واعتبروه انتهاكا صارخا لحرية التعبير.

وقال المفكر الفرنسي المعروف فرانسوا بورغات، الذي كان سيشارك في الندوة، إن قرار الإلغاء فضيحة بكل المقاييس، لأنه يؤكد مرة أخرى حجم قوة ونفوذ "الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية"، في منع شخصيات أكاديمية مسلمة مثل طارق رمضان من إلقاء المحاضرات في الجامعات الفرنسية، والآن يتم منع أكاديميين فرنسيين متخصصين من مناقشة قضايا تتعلق بالإسلام بطريقة علمية وأكاديمية، تحت ذرائع واهية.

وذكر بورغات في تصريح للجزيرة نت أنه لم يكن إلغاء الندوة مفاجأة له، لأن شخصيات يهودية نافذة أجهضت تعيينه عام 2005 في منصب سامٍ في وزارة الخارجية الفرنسية تحت ذريعة إلقاء محاضرة أمام اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية، وبسبب محاولته تفسير أحداث 11 سبتمبر، وشرح الأسباب الحقيقية وراء تنفيذ الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة الأميركية، باعتبارها قوة إمبريالية، مارست العنف والحروب على شعوب ودول المنطقة. 

بورغات: قرار إلغاء ندوة الإسلاموفوبيا فضيحة بكل المقاييس (الجزيرة)
بورغات: قرار إلغاء ندوة الإسلاموفوبيا فضيحة بكل المقاييس (الجزيرة)

"شيطنة" المسلمين
واتهمت جمعيات محسوبة على اليمين المتطرف جامعة ليون بإعطاء المجال لناشطين ومنظمات إسلامية للتعبير عن آرائها تحت غطاء العمل الأكاديمي، مثل "اتحاد رابطة مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا"، و"تنسيقية مناهضة الإسلاموفوبيا والعنصرية".

وفي تصريح للجزيرة نت قالت جميلة فرح المتحدثة باسم "تنسيقية مناهضة الإسلاموفوبيا والعنصرية" إن الحملة التي تشن ضدهم هدفها "شيطنتهم" أمام الرأي العام الفرنسي وتشويه سمعتهم. 

وأكدت فرح أن هناك تيارا علمانيا متشددا يرى في المسلمين خطرا على مبادئ الجمهورية الفرنسية، وباتت هذه سلعة رائجة في وسائل الإعلام، وهو ما يفسر ارتفاع حالات الاعتداء على المسلمين، والتضييق عليهم.

عنصرية
ولم تبد وزارة التعليم العالي الفرنسية موقفا مما جرى، وهي الوزارة الوصية، في حين استنكرت منظمة حقوق الإنسان الفرنسية الواقعة، واعتبرت أن جامعة ليون انتهكت حرية التعبير ومارست الرقابة بإلغائها الندوة. 

وفي السياق نفسه، اعتبر الباحث والأستاذ في جامعة ليون سهيل شيشة أن الحملة الإعلامية لإلغاء الندوة تعكس عنصرية مقيتة وفكرا استعماريا ما يزال يعشش في أوساط النخب الفرنسية التي ترى في الإسلام مشكلة وخطرا يهدد قيم الجمهورية. 

وأوضح الأكاديمي أنه يتحفظ على تعبير الإسلاموفوبيا، مبينا أن ما يتعرض له المسلمون عنصرية متعمدة ومؤدلجة ومعقلنة، تتم ممارستها عن وعي وعن معرفة، من أجل إقصاء المسلمين من الحياة السياسية والاجتماعية وممارسة كل أشكال الاضطهاد ضدهم. 

واعتبر الباحث شيشة أن "شيطنة" الإسلام والمسلمين لم تعد حكرا على اليمين المتطرف، بل أصبحت ظاهرة تعبر كل الأحزاب السياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وأبرز مثال على ذلك تصريحات رئيس الحكومة اليساري السابق مانويل فالس الذي تحدث عن "اليسار الإسلاموي" للهجوم على غريمه جان لوك ميلانشون من تيار أقصى اليسار.

المصدر : الجزيرة