المبيدات.. سلاح الاحتلال ضد مزارعي غزة

طفل وهو ابن أحد المزارعين يتلف أوراق السبانخ بعد تضررها إثر وصول رذاذ المبيدات السامة التي رشها الاحتلال على المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.
طفل أحد المزارعين يتلف محصول السبانخ بعد تضرره بسبب المبيدات السامة التي رشها الاحتلال (الجزيرة)
أحمد فياض-غزة

يستبشر المزارع الخمسيني ناصر أبو سمور بقرب تعويض خسائره الناجمة عن توالي هجمات الاحتلال الإسرائيلي في المناطق الزراعية الحدودية، لكنه في كل مرة يصاب بخيبة أمل جديدة نتيجة تكرار الهجمات، تتبدد معها فرص سد ديونه المتراكمة منذ سنوات لتجار الأدوات الزراعية والأسمدة.

ومنذ العدوان الإسرائيلي على غزة صيف عام 2014، يحاول أبو سمور جاهدا إصلاح ما دمره الاحتلال ومعاودة زراعة أرضه، لكن قوات الاحتلال لا تتركه، فتعاود مهاجمة مزروعاته تارة من الأرض وأخرى من الجو.

وكعادتها في هذا الوقت من كل عام تقريبا، عادت طائرات الاحتلال لرش محاصيل مئات المزارعين في منطقة السريج الحدودية (جنوب شرق قطاع غزة) بمبيدات سامة تسببت في هلاك وتضرر كافة المحاصيل التي طالها رذاذ المبيدات.

ويزرع أبو سمور -ومعه سبعة فلاحين آخرين- مئة دونم من الأرض (الدونم ألف متر مربع) بالسبانخ والبقدونس والكوسا، لكن مبيدات الاحتلال أتت على نحو سبعين دونما منها، كانت جاهزة للبيع خلال أيام.

مزارعون ومسؤولون في وزارة الزراعة أثناء تفقدهم أضرار المبيدات التي رشها الاحتلال (الجزيرة)
مزارعون ومسؤولون في وزارة الزراعة أثناء تفقدهم أضرار المبيدات التي رشها الاحتلال (الجزيرة)

شكوى ومعاناة
ويشتكي أبو سمور من غياب آليات تعويض المزارعين، وتعرضهم للملاحقات القضائية جراء عجزهم عن تسديد ما عليهم من مستحقات لموردي المستلزمات الزراعية، إثر تكرار عمليات التدمير الإسرائيلية بحقهم.

ودعا المزارع الفلسطيني في حديث للجزيرة نت منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية للتحرك لمنع اعتداءات الاحتلال بحق المزارعين ومحاصيلهم، لافتا إلى أن استمرار استهداف الاحتلال المزارعين وأراضيهم ينذر بتدمير قطاع الزراعة في المناطق القريبة من الحدود مع القطاع.

ويعاني مزارعو المناطق الحدودية من تكرار هجمات الاحتلال، المتمثلة في عمليات إطلاق النار وتجريف الأراضي الزراعية وتسميم وإحراق المزروعات خلال أوقات متفاوتة من السنة.

وتبرر سلطات الاحتلال ممارساتها، بقولها إن عمليات رش المبيدات على المنطقة الحدودية تخضع لاعتبارات أمنية تتعلق بإبادة النباتات التي يحول نموها دون تمكن جيش الاحتلال وأجهزة مراقبته من مراقبة الحدود، لكن حقيقة الأمر أن عمليات الإبادة تلحق الضرر بالمحاصيل الزراعية الواقعة على بعد نحو أكثر من كيلومتر من الحدود.

وتعتمد سلطات الاحتلال في رشها المبيدات السامة على اتجاه الريح، فتعمد إلى رشها في أوقات تكون فيها حركة الرياح من الشرق إلى الغرب، وهو ما يلحق الضرر بمساحات زراعية واسعة.

مزارع يتفقد محصول السبانخ بعد تضرره إثر وصول رذاذ المبيدات الإسرائيلية السامة (الجزيرة)
مزارع يتفقد محصول السبانخ بعد تضرره إثر وصول رذاذ المبيدات الإسرائيلية السامة (الجزيرة)

حجم الضرر
وللتخفيف من أثر رش المبيدات السامة على المحاصيل الزراعية هذا العام، تواصلت وزارة الزراعة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، واتُفق على أن تكون عمليات الرش في أوقات يحددها الجانب الإسرائيلي، كي يتخذ المزارعون الفلسطينيون احتياطاتهم، إلا أن الجانب الإسرائيلي نقض الاتفاق، وبادر إلى رش المبيدات في غير المواعيد المتفق عليها.

وتؤكد وزارة الزراعة أن أكثر من 1200 دونم من الأراضي المزروعة بمختلف أنواع المحاصيل الزراعية تعرضت خلال الأيام القلية الماضية لأضرار كلية وجزئية، بسبب رش الاحتلال مبيدات سامة شرق محافظة خان يونس (جنوب شرق القطاع).

وعبر مدير عام وقاية النبات في وزارة الزراعة وائل ثابت عن خشيته من اتساع رقعة الأضرار في حال استأنفت سلطات الاحتلال عمليات الرش بعد انقشاع السحب وتغير الأجواء الماطرة، التي تشهدها منطقة قطاع غزة في الأيام الأخيرة.

وذكر في حديثه للجزيرة نت أن استمرار اعتداءات الاحتلال على المناطق الحدودية الزراعية التي تقدر مساحتها بنحو ثلث مساحة قطاع غزة ستحرم السكان من أهم مصادر سلتهم الغذائية من الخضراوات.

ووعد المسؤول الفلسطيني بتوجيه جهود المؤسسات العاملة في قطاع الزراعة من أجل دعم صمود المزارعين في تلك المناطق، وحماية الأمن الغذائي لسكان القطاع.

المصدر: الجزيرة

إعلان