"زوّجي زوجك" دعوة نسائية لقبول المصريات بالتعدد
ياسر سليم-القاهرة
تدخل الأرملة سماح العقد الخامس وليس في حياتها سوى ابنها اليتيم، وهي حينما تنظر لزميلتها في العمل عفاف المطلقة قبل سنوات، لا تجد فرقا كبيرا إلا في أن القدر كتب عليها ما نفذته زميلتها بنفسها، وهما على أي حال أفضل حالا من ابنة الجيران العانس هدى.
فهما قد "دخلتا دنيا" بتعبير المصريين حيث تزوجتا بينما لم يكتب لهدى التي تدخل العقد الرابع خوض هذه التجربة حاملة على كاهلها اللقب الأقسى "عانس".
ثلاثتهن يجمعهن تقدير دعوة "زوّجي زوج" التي حملت لواءها مدربة التنمية البشرية رانيا هاشم، حيث تراها الحل لكثير من أزمات العوانس والأرامل والمطلقات، عبر تغيير الثقافة السائدة المناوئة للتعدد، بتشجيع الزوجات على قبول زوجة أخرى لزوجها، وبالتخلي عن "بعض الكبرياء الزائف" والتخفف من أعباء زوج ليس أمامه غيرها، كما أن الزوج بتحمله المزيد من الأعباء سيكون أكثر شجاعة ومسؤولية.
تتجه صاحبة الدعوة بدعوتها للزوجات لأنهن برأيها "إحدى عقبات ارتباط الزوج بأخرى، حيث يخشى من رد فعلها العنيف وهدمها للبيت الأسري".
رانيا يتابعها آلاف على صفحتها بـ فيسبوك وقناتها على يوتيوب، لذلك أحدثت دعوتها المنشورة ردود فعل واسعة، بدأت بالهجوم العنيف وانتهت بتحول كثيرات للترحيب، بل وجاءتها رسائل من زوجات يبدين الاستعداد للخطبة لأزواجهن.
على صفحات فيسبوك اندلعت معارك كلامية حول دعوة (زوّجي زوجك) حيث تسخر آية لأنها (ضد فطرة الأنثى) بينما تقول ندى إنها دعوة لخراب مستعجل للبيوت المستقرة |
معارك
على صفحات فيسبوك اندلعت معارك كلامية، حول دعوة "زوّجي زوجك" حيث تسخر آية من الفكرة بالقول إنها "ضد فطرة الأنثى" بينما تقول ندى إنها دعوة لخراب مستعجل للبيوت المستقرة، وتدافع رانيا في حديث لـ الجزيرة نت بالقول إن ما أحزنها هو صدور بعض ردود الفعل تلك من ملتزمات دينيا، لا يدركن أنهن يسخرن مما أحله الله الصالح لكل فرد ومجتمع، غير أنه يصطدم بصالحهن فيعارضنه، فلاهن قلن خيرا ولا صمتن.
منذ عامين، سعت صديقة رانيا في زواج زوجها بأخرى، فكانت بداية دعوتها بنشر رغبة زوجة في الخطبة لزوجها. وعكس المتوقع، مضت الحياة سعيدة بالأسرة الجديدة الكبيرة للصديقة كما تقول، ثم حدثتها صديقة أميركية باقتناعها بأن تعدد الزوجات حل لمشاكل عدة تنتاب الأسر في العصر الحديث.
الهجوم على الدعوة بلغ حد التجريح في صاحبتها واتهامها، وتحدتها دعاء أن تطبق الأمر على نفسها، لكن المثير هو الشكوى الموحدة للزوجات من عبء الزواج وبأنه لا رجل يستأهل زوجته المتفانية، فإذا كان كذلك فعلا فلماذا تستأثر به؟ تتساءل رانيا، مضيفة "تؤكد الزوجات على المساواة وأن المرأة كالرجل بغض النظر عن الاختلافات بين الاثنين في الاهتمامات والميول والرغبات، وحينما نتكلم عن المساواة في الأعباء يصرخن بأنهن نساء"!!.
من خلال فحص كثير من شكاوى الزوجات، وجدت صاحبة الدعوة أن كثيراً من الأزواج يتزوجون سرا دون علم الزوجة حتى لا تغضب "فلماذا نضحك على أنفسنا ونمضي بازدواجية بائسة؟ ولماذا نتعاطف مع أنانية أنثى تتلحف بكبرياء زائف، ولا نتعاطف مع احتياجات أساسية لأنثى أخرى مستضعفة؟" هكذا تتساءل مؤكدة أن "الحل أن يتم كل شيء في النور".
سلبيات
لا تنكر رانيا وقوع سلبيات مع تطبيق دعوتها "فصحيح أن الرجال لن يعدلوا في عواطفهم، وصحيح أن غيرة المرأة ربما ستسبب مشاكل، لكنها في النهاية أضرار أخف من الكوارث الاجتماعية الحالية".
ويعلق الطبيب النفسي أحمد عبد الله بالقول إن وجود ملايين العوانس مسألة لا إنسانية، ولا ينتج مجتمعا سويا، وصحيح أن التعدد شرعي ولكنه لا يناسب كل الناس كل الوقت، فالزواج الأول نفسه بات مشكلة، فكيف يقدم الزوج المصري على الثاني في ظل هذه الأوضاع؟
وتابع للجزيرة نت: لا أحد يريد التوقف لمراجعة المواقف والقوانين وأثرها على المجتمع. وأضاف أن المطلوب وعي لدى الأطراف الثلاثة للمعادلة: الزوج والزوجة الأولى والثانية، لمقاومة الضغط الاجتماعي المحيط المؤدي إلى العبث بالمعادلات القائمة، وفرض معايير مثالية غير مطبقة وغير قابلة للتطبيق العملي، وهو ما يؤدي إلى بؤس مجتمعي.
وأشار عبد الله إلى أن بعض السيدات لديها الوعي الكافي الذي يجعل من مصلحتها كامرأة تريد تحقيق ذاتها أن تستغنى عن زوجها لأيام لزوجة أخرى تحمل أعباءه عنها، وهو وعي يتجاوز الثقافة السائدة ويتحدى المحيط الضاغط.