اتفاقية اللاجئين.. ورقة تركية للضغط على أوروبا

خليل مبروك-إسطنبول
ويبدو الترابط وثيقا بين تصعيد اللهجة التركية في وجه أوروبا، والانتقادات التي وجهها قادة القارة العجوز لأنقرة على خلفية إجراءاتها المستمرة في التعامل مع تداعيات محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز المنصرم.
فقد وردت أقوال جاويش أوغلو لصحيفة (فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ) الألمانية اليومية بعد يوم واحد من منع برلين بث كلمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى متظاهرين أتراك خرجوا في مدينة كولونيا بألمانيا للتعبير عن رفضهم لمحاولة الانقلاب في بلدهم.
وتذرعت العواصم الأوروبية بإجراءات أنقرة عقب محاولة الانقلاب لتأخير تطبيق اتفاق السماح للأتراك بدخول الدول الأوروبية بلا تأشيرة، متعللة بفرض حالة الطوارئ في تركيا في 21 يوليو/تموز الماضي.
كما انتقد الأوروبيون حملة التطهير التي تنفذها الدولة التركية داخل مؤسسات الدولة لإخراج عناصر جماعة "الخدمة" التي يقودها فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية.
ورقة ضغط
يقول الباحث والمحلل السياسي التركي جاهد توز إن الرسالة التركية هي رد واقعي على تصاعد الانتقادات الغربية لأنقرة في الآونة الأخيرة، موضحا أن الأوروبيين يستهلون مواقفهم الإعلامية بإعلان تفهمهم لإجراءات تركيا ثم يكيلون لها سيلا من الانتقادات.

ويؤكد توز للجزيرة نت أن أنقرة تدرك قوة التلويح بورقة اللاجئين أمام الدول الأوروبية، التي عرفت حدودها الضبط بعدما تهاوت أمام موجات المهاجرين قبل توقيع اتفاقية منع عبور اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس/آذار الماضي.
ويستشهد توز على قوة هذه الورقة بالتذكير بأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زارت أنقرة ثلاث مرات في شهر واحد عقب تهديد الأخيرة بإلغاء الاتفاقية، ردا على تلكؤ الأوروبيين في تطبيق بعض بنودها، ولا سيما بند رفع التأشيرة عن الزوار الأتراك لأوروبا الذي كان يفترض أن يدخل حيز التنفيذ مطلع يوليو/تموز.
ويرى الباحث التركي أن بلاده التي فتحت حدودها للاجئين واستضافتهم منذ بدء الأزمة السورية لن تغير موقفها في معاملتهم مثل المواطنين الأتراك عبر فتح أبواب التشغيل واستيعابهم في المؤسسات العامة والخاصة، وفتح أبواب التجنيس، لافتا إلى أن الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد تطورات مهمة على صعيد سن تشريعات تتعلق بالكفاءات والنخب المهنية من المهاجرين إلى تركيا.
دهشة تركية
ولا تخفي تركيا دهشتها من التصرفات الأوروبية التي فاجأت أنقرة بمواقف دفاعية عن الانقلابيين أكثر من التهنئة بانتصار الديمقراطية على محاولة الانقلاب، وفق ما يشير الباحث في العلاقات الدولية بمركز ستا التركي، محمود الرنتيسي.
ويقول الرنتيسي للجزيرة نت إن أوروبا تعد تركيا بوابة أمنية لها، ولذا تريد الحفاظ على استقرارها دون أن تتحول إلى منافس أكثر استقلالا، ما يفسر حرص الأوروبيين على كبح طموحات النظام الحالي في تركيا بشكل غير مباشر وباستخدام سياسة العصا والجزرة.
ويؤيد الرنتيسي أن تمضي تركيا بخطوات جدية في تهديداتها بإلغاء الاتفاقية، خاصة أنها عاشت لحظات مصيرية في ليلة الانقلاب، ستعمل كي لا تتكرر ولو كلفها ذلك توتر العلاقات لفترة مؤقتة، لأنها تدرك أن أوروبا تعدها خاصرة أمنية مهمة لا بد من الحفاظ على استقرارها.