حكومة الشاهد.. مواقف متباينة من أبعاد نجاحها

سمير ساسي- تونس
بين مواقف متشائمة وأخرى متفائلة، تشرع حكومة يوسف الشاهد في تلمس طريقها نحو معالجة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها تونس.
وما عزز تلك المواقف التحذير الذي جاء في البرنامج من إمكان اللجوء إلى سياسة تقشف تهدد بتسريح آلاف العمال ورفع الضرائب وإيقاف الاستثمار في البنية التحية والبيئة.
وقد رأى سفيان طوبال رئيس كتلة "نداء تونس" -ذات الأغلبية في البرلمان- أن خطاب الشاهد أعطى نوعا من الطمأنة للشعب في فترة يحتاج فيها إلى الوحدة، وهو يؤكد الحاجة الماسة إلى إعطاء انطلاقة جديدة للحياة السياسية من خلال مساعدة الحكومة الجديدة على الانطلاق في العمل.
وقال عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة -الحزب الثاني في الحكومة- في تصريح للجزيرة نت إن مؤشرات نجاح الحكومة كثيرة؛ أبرزها وثيقة قرطاج التي ضبطت أولويات الحكومة ووقع عليها تسعة أحزاب وثلاث منظمات اجتماعية، بالإضافة إلى التنوع في تركيبة الحكومة بين مختلف التيارات السياسية والفكرية مع احترام نتائج الانتخابات، وكذلك نسبة الأصوات المرتفعة التي حصلت عليها الحكومة خلال جلسة منح الثقة.
ورأى أن خطاب رئيس الحكومة المكلف فيه درجة من الالتزام والإرادة القوية لإنجاز أولويات المرحلة التي نصت عليها وثيقة قرطاج، مؤكدا أن التوافق السياسي الواسع حول حكومة الشاهد يدعم مؤشرات النجاح العديدة التي ستتغلب على كل العراقيل.

تشاؤم
غير أن المحلل السياسي كمال الشارني قلّل من أهمية مؤشرات النجاح، وقال للجزيرة نت إنه لا يرى أي مؤشر يساعد هذه الحكومة على تجاوز الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد في ظل تغول المال السياسي الذي يتحكم في القرار داخل هذه الحكومة، حسب وصفه.
وأكد أن حكومة الشاهد نتاج وضع سياسي فاشل، وأن الحديث عن الإصلاح ومقاومة الفساد لا معنى له خارج إعادة تطبيق القانون على كبار المهربين ومقاومة التهرب الضريبي وحالات الانفلات العامة.
ودلل الشارني على موقفه بمثال الأدوات المدرسية المهربة من الصين من دفاتر وأقلام وغيرها، التي قال إنها تكتسح السوق التونسية قبيل أيام معدودة من العودة المدرسية والجامعية، وإن الجهات التي تقف وراء هذا التهريب أقوى من الحكومة نفسها، وهو ما سيجعل أي مستثمر تونسي أو أجنبي يتحول إلى الوساطة والتهريب بدل الاستثمار في الصناعة الوطنية، وفق تعبيره.

يذكر أن الاتحاد العام التونسي للشغل -كبرى المنظمات النقابية العمالية في تونس- ذكر في بيان له عقب التصديق على حكومة الشاهد أنه لن يقبل أن يتحمل عامة الشعب تبعات إخفاقات السياسات المتبعة منذ عقود.
ودعا البيان -الذي حمل رئيس الحكومة مسؤولية خياراته- إلى مقاومة المجموعات الفاسدة التي تتحكم في مفاصل الاقتصاد، خاصة في قطاع الفوسفات، معلنا في الوقت نفسه رفضه المساس بالمؤسسات الكبرى، في إشارة إلى برنامج الخصخصة وتسريح الموظفين اللذين أعلن عنهما الشاهد في خطابه أمام مجلس النواب.
وتحاول حكومة الشاهد -أصغر رئيس حكومة في تاريخ تونس منذ الاستقلال- أن تقرأ الرسائل المختلفة التي تصلها من هنا وهناك، خاصة رسالة الإرهاب التي وجهتها المجموعات المسلحة في جبل سمامة يوم مراسم تسلمها الحكم بعد مقتل ثلاثة من العسكريين، لتبقى فرص نجاحها مفتوحة على كل الاحتمالات.