أمهات داريا يودّعن "قبور الشهداء"

"قهر كبير بين السكان"، هكذا يصف ناشط من المدينة حال أهلها المكلومين على فراق بيوتهم حتى وإن كانت غبارا وأنقاضا، ويضيف "ذهبت الأمهات أمس إلى المقابر لتوديع شهدائهن، إنهن يبكين على داريا أكثر مما بكين حين سقط الشهداء".
تختزل الصور بعضا مما يعيشه الأهالي لكنها لا تصف ما يختلج صدورهم، عند تقبيل اسم مدينتهم على أحد جدرانها.

لحظات صعبة
يقول أحد مقاتلي الفصائل المعارضة في المدينة "تعيش داريا أصعب اللحظات، الجميع يبكي، الطفل يودع مدرسته، والأم تودع ابنها الشهيد عند قبره".
ويضيف "يجمع سكان داريا أغراضهم المتواضعة المتبقية، لتبقى معهم ذكرى لأربع سنوات من الحصار والجوع والقصف، وتبقى ذكرى لمجتمع دولي خذلهم دون أي ذنب".

اتفاق وشروط
وأوضح المقاتل المعارض في المدينة أن قرار التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية على إخلاء المدينة "بعد صمود دام أربع سنوات يعود إلى الوضع الإنساني المتدهور فيها والقصف المتواصل عليها، فكان لا بد من حماية المدنيين".
ودخلت اليوم الجمعة حافلات تابعة للهلال الأحمر السوري إلى مدينة داريا في إطار تنفيذ الاتفاق الذي توصلت إليه قوات النظام والمعارضة المسلحة في المدينة.
وستقوم هذه الحافلات بنقل المدنيين إلى مراكز إيواء في مدينة الكسوة الخاضعة لسيطرة النظام في ريف دمشق.
واشترط النظام السوري على الأهالي عدم حمل أيٍّ من مقتنياتهم الشخصية، ونقلهم إلى مراكز إيواء في مدينة الكسوة يشرف عليها النظام. كما ينص الاتفاق أيضا على إخراج المقاتلين إلى محافظة إدلب.

رمزية خاصة
ويعيش نحو ثمانية آلاف شخص في داريا الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات جنوب غرب العاصمة. وهي أيضا مجاورة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية.
وكانت داريا قبل الحرب تعد حوالي 130 ألف نسمة، حسب إحصاء رسمي عام 2004، لكن هذا العدد انخفض 90% حيث واجه السكان طوال سنوات الحصار نقصا حادا في الموارد. ودخلت في شهر يونيو/حزيران أول قافلة مساعدات إلى داريا منذ حصارها في العام 2012.
ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة السورية، فقد كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011، كما أنها خارجة عن سلطة النظام منذ أربع سنوات بعدما تحولت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح، وهي من أولى البلدات التي فرض عليها حصار.