الانتقادات الأميركية للجزائر في الميزان

عبد الحميد بن محمد-الجزائر
وتتعلق هذه التقارير بحرية الممارسة الدينية، والاتجار بالبشر، والأسواق المالية غير الشرعية وعلاقتها بتمويل الإرهاب، والملكية الفكرية. رغم أن أغلب المسؤولين الأميركيين الذين يزورون الجزائر باستمرار لا يتوقفون عن الإشادة بمستوى التعاون، لا سيما على الصعيد الأمني ومكافحة الإرهاب.
وانقسمت آراء المراقبين في الجزائر تجاه الانتقادات الأميركية بين من يرى أنها لا تتمتع بمصداقية لاعتمادها على مصادر غير موثوقة، وبين من يرى أنها لم تأت بجديد كون الجزائريين يعرفون الحقائق على الأرض، مشيرين إلى أنها ستؤثر على العلاقات مع الجزائر الدبلوماسية والاقتصادية.
لا تأثير
يقول أستاذ السياسات الأمنية بجامعة البليدة سليم حمادي إن الانتقادات الأميركية تتم الاستعانة في إعدادها بهيئات كثيرا ما تكون بعيدة عن التأثير في مراكز القرار السياسي في واشنطن.

ويضيف للجزيرة نت أن تلك المؤسسات مستقلة في أغلب الأحيان في وضع التقارير وفقا للمعلومات التي تستقيها من مصادرها، دون أن يعني ذلك أنها تعمل خارج رقابة المؤسسات الأميركية، وفق وصفه.
ولا يرى حمادي تناقضا بين ما يرد في هذه التقارير والتصريحات الإيجابية للمسؤولين الأميركيين الذين كثيرا ما يزورون الجزائر، واصفا إياها بالتصريحات الدبلوماسية التي تتغير حسب المصلحة وحسب أجندة السياسة الخارجية لواشنطن.
ويستبعد أن تؤثر مضامين التقارير على العلاقات الثنائية، لأنها علاقات لا تتسم بالتوتر، كما أن الولايات المتحدة تعرف الأهمية الإستراتيجية للجزائر، وفق تعبير المتحدث ذاته.
من جانبه، يؤكد مدير صحيفة الرائد سليمان شنين أن الجزائر اعتادت على مثل هذه التقارير، واصفا إياها بالناقدة أحيانا والمخالفة للواقع أحيانا أخرى، خاصة في ما يتعلق بحرية المعتقد ومحاربة الإرهاب والاتجار بالبشر، كما يقول.
ويعتقد شنين أن الأميركيين يعتمدون في بعض الأحيان على مصادر غير موثوقة ولا تتمتع بالمصداقية الكافية في إعداد التقارير، على حد وصفه.
لكن شنين يشدد على أنه لا تأثير لهذه التقارير الأميركية على صورة الجزائر الخارجية، ويبرر ذلك بكون الجزائر تعتمد على تنويع علاقاتها الدبلوماسية ولا ترتهن لأي قوة أجنبية.
ويشير إلى أن الجزائر ملتزمة بمختلف المعاهدات الدولية، خاصة الحقوقية منها، وبعضها ترفضها حتى الولايات المتحدة.
براغماتية
في المقابل، يقول مدير صحيفة الجزائر أحسن خلاص إن التقارير التي تعتمد على مرجعية القيم الأميركية في إصدار الأحكام وتوجيه الانتقادات لا تستهدف دولة بعينها أو وحدها.

ويرى خلاص في حديث للجزيرة نت أن تقارير الخارجية الأميركية ليست مساءلات أو محاكمات تقتضي الرد عليها.
بيد أن خلاص يشير إلى أن أهمية هذه التقارير تكمن في أنها صادرة عن دولة تعد صانعة رأي لدى العديد من الدول الغربية وحتى العربية والإسلامية، وهو ما يجعلها تؤثر أكثر على توجه الدول وقطاعات الأعمال في تعاملها مع الجزائر، حسب تعبيره.
ويصف خلاص العلاقات الأميركية الجزائرية بالبراغماتية، مشيرا إلى مجالات الأمن والاستثمار في قطاع المحروقات، وحسب اعتقاده فإن كان لا بد للعالم من مرجع كي يحدد صورة الجزائر فإنه يتجه عادة إلى فرنسا.
من جهته، يؤكد المكلف بالملفات الخاصة بالرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان هواري قدور أن التقارير الأميركية لا تستهدف الجزائر وحدها رغم وصفه تلك التقارير بالغامضة.
ويرى هواري في حديث للجزيرة نت أن هدف هذه التقارير الضغط على الدول من أجل كسب المزيد من الصفقات.
ويقول إن ما ورد في هذه التقارير ليس مفاجئا ولا جديدا، فالجزائريون يدركون أن بلدهم ليس جنة ولا ينتظرون تقارير واشنطن حتى يدركوا الحقائق التي يعيشونها، برغم إقراره بتأثيراتها دبلوماسيا واقتصاديا.
وينصح هواري حكومة بلاده بإيجاد حلول للانتقادات الواردة في تقارير الخارجية الأميركية بدل نفيها.