الحكومة التونسية المنتظرة.. هل تظفر بالتوافق؟

محسن المزليني-تونس
شرع رئيس الحكومة التونسية المكلّف يوسف الشاهد الأربعاء في الجولة الثانية للمشاورات مع الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة، ويُنتظر أن تخصص هذه الجولة لتوزيع الحقائب بعد مناقشة الجولة الأولى لطبيعة الحكومة وهيكلها ومواصفات الوزراء، وقد تباينت التحليلات بين التفاؤل بنجاح الحكومة وتوقع عجزها عن تجاوز أزمات البلاد.
وأكدت مصادر مطلعة أن المشاورات تجري بنسق حثيث، مرجحة إمكانية الإعلان عن التشكيل خلال الأسبوع المقبل، أي قبل المهلة الدستورية التي تنتهي في الثالث من سبتمبر/أيلول.
وأضافت أن المشاورات ستشمل أحزاب الائتلاف الرباعي السابق، أي حزب نداء تونس وحركة النهضة وحزب الاتحاد الوطني الحر وحزب آفاق تونس، إضافة إلى حزب المبادرة الدستورية، في حين أعلنت أربعة أحزاب -أغلبها من المعارضة وكانت داعمة لمبادرة تكوين حكومة الوحدة الوطنية- انسحابها من المشاورات بعد تكليف الشاهد القيادي في نداء تونس، بتشكيلها.
واعتبرت تلك الأحزاب أن الوضع الدقيق الذي تعيشه البلاد يتطلب اختيار شخصية على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وأن موقفها من الحكومة الجديدة سيتحدّد وفقا لالتزامها بوثيقة قرطاج التي وقعت عليها الأحزاب والمنظمات الداعمة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

كفاءات حزبية
وفي تصريح للجزيرة نت أفاد رئيس كتلة حزب نداء تونس سفيان طوبال بأن الاتجاه العام ينحو إلى عدم تغيير هيكلة الحكومة السابقة التي تتولى تصريف الأعمال، ما عدا تعديلات متعقلة بدمج بعض الوزارات لتقليص الفريق الحكومي.
وأضاف أن الحكومة المنتظرة ستكون سياسية تعتمد كفاءات حزبية وأنها لن تكون حكومة محاصّة، وأن حزبه سيقترح عددا من الكفاءات لتولي مناصب وزارية، مشيرا إلى أن لرئيس الحكومة المكلّف مطلق الحرية في اختياراته.
أما حركة النهضة، فقد أعلن زعيمها راشد الغنوشي أنها لن تقبل بمشاركة رمزية في الحكومة مثلما كان عليه الأمر في حكومة الحبيب الصيد التي كانت تضم وزيرا نهضويا واحدا مقابل ثمانية من نداء تونس وأربعة من الاتحاد الوطني الحر وثلاثة من حزب آفاق.
وأشار الغنوشي في حوار صحفي إلى أن مصلحة البلاد تقتضي أن تكون الأحزاب ممثلة وأن تتحمل مسؤوليتها كاملة حتى يحاسبها الشعب على ما قدمته، مشددا على أن حركته ستدعم حكومة الشاهد سواء شاركت فيها أم لم تشارك.
وقال المتحدث باسم حركة النهضة عماد الحمامي للجزيرة نت إن تأكيد الغنوشي على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أحجام الأحزاب لا يعني الدعوة إلى تشكيل حكومة محاصّة، وإنما المقصود أن تحظى النهضة بموقع يمكنها من "أداء واجبها".

النجاح والفشل
وتباينت التحليلات بشأن قدرة الحكومة المرتقبة على مواجهة التحديات، حيث أشار المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي إلى أن حكومة الشاهد تمتلك فرصا معقولة للنجاح لأنها تحظى بدعم أغلبية برلمانية، إضافة إلى مساندة كبرى من المنظمات النقابية والمهنية.
غير أن هذه المساندة تبقى مشروطة، وفق الحناشي، بالتزام الحكومة المرتقبة بالأولويات التي ضبطتها وثيقة قرطاج وبعدم ارتهانها إلى أجندات الأحزاب السياسية، إضافة إلى ضرورة توفر حد أدنى من الانسجام بين مكونات الفريق الحكومي.
وفي المقابل، يشكك المحلل السياسي عبد السلام الككلي في قدرة الحكومة المرتقبة على مواجهة التحديات، لا سيما مشكلة البطالة واستشراء الفساد وتراجع المؤشرات الاقتصادية، وقال للجزيرة نت إن اختيار رئيس الحكومة من الدوائر المقربة من رئيس البلاد دون أن تكون له تجربة سياسية ينذر بالمخاطر، مضيفا أن ما يخشاه الكثيرون هو محافظة دوائر المال والسياسة على مصالحها ومكتسباتها.
وتنتظر تونس الإعلان عن التشكيلة الحكومية الثامنة منذ إسقاط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ورغم تمكن النخب السياسية من تجاوز أزمات كبرى خلال السنوات الخمس الأخيرة، فإن ارتدادات هذه الأزمات تحتاج إلى جرأة أكبر للقيام بإصلاحات لم يعد الوقت متاحا لتأخيرها، وهو ما سيشكل اختبارا صعبا للحكومة المرتقبة.