"خندق كردستان" بين دوافع السياسة ومتطلبات الأمن

ناصر شديد-أربيل
أثار حفر السلطات في إقليم كردستان العراق خندقا يمتد من منطقة سنجار قرب الحدود السورية إلى مدينة خانقين قرب الحدود الإيرانية، تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء ذلك.
وبينما تؤكد السلطات في أربيل أن حفر الخندق جاء لأسباب أمنية محضة، ولدواع عسكرية دفاعية ضد هجمات متوقعة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، يؤكد مراقبون وجود مقاصد سياسية جغرافية دفعت للبدء بحفره، وأن الإقليم بدأ يرسم حدودا جديدة في ظل الظروف الحالية.
ونفى الأمين العام لوزارة البشمركة في كردستان العراق جبار ياور أي مقصد سياسي أو جغرافي من حفر الخندق، وقال إنه جاء لدواع عسكرية دفاعية فقط وضد هجمات متوقعة من قبل تنظيم الدولة.

وقال ياور للجزيرة نت إن سلطات الإقليم تحفر في مناطق مسطحة قد يستخدمها مقاتلو التنظيم عبر مركبات مفخخة تستهدف مواقع قوات البشمركة بسهولة، مضيفا أن الحفر يتم حسب الحاجة والضرورة.
وأضاف أن أي قوة أمنية من البشمركة يوجد لديها تخوف من إمكانية اختراقها يتم حفر خنادق في منطقتها أو وضع سواتر ترابية دون الرجوع إلى المركز، مؤكدا أن قواته أصبحت خلف هذه الخنادق بعد إعادة السيطرة على عدد من المناطق في كركوك وغيرها.
من جهته قال أستاذ العلوم السياسية عبد الحكيم خسرو إن حفر الخندق خطة أمنية أكثر منها سياسية، موضحا أن تجربة حفر الخنادق في الإقليم ليست جديدة، فقد بدأت بعد عام 2004 إثر تفجير مقري الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي.

تضخيم إعلامي
واعتبر خسرو في حديث للجزيرة نت أن ردة الفعل الإعلامية تجاه الخندق تصعيد سياسي واستخدام إعلامي من قبل أطراف لم يسمها، وأن "الأمر مبالغ فيه بصورة كبيرة".
وكانت قوات البشمركة قد سيطرت على مدينة كركوك الغنية بالنفط فور انسحاب الجيش العراقي منها عام 2014 خشية سيطرة تنظيم الدولة عليها، وتعتبر السلطات الكردية كركوك جزءا من كردستان التاريخية لا يمكن التنازل عنه.
وقد حفر أول خندق بينها وبين أربيل عام 2013 من قبل سلطات كردستان العراق، قبل أن تواجه بعاصفة من الانتقادات وجهها كل من حركة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني، حيث وصف الخندق آنذاك بأنه "خندق العار"، باعتبار مدينة كركوك جزءا من إقليم كردستان التاريخية لا يحق لأحد كان فصلها عن إقليم كردستان، حسب قول خسرو.

ويؤكد خسرو وياور أن قوات البشمركة تعدت الخندق إلى مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة قرب كركوك وقرى قرب زمار وسنجار، وأن هناك مناطق أخرى كجبل حمرين وطوز خورماتووغيرهما تتبع لكردستان التاريخية حسب قولهما، لكنها ليست ضمن مناطق حفر الخندق.

خلافات سياسية
ويُتهم سياسيو إقليم كردستان بعدم مشاورة فرقائهم السياسيين في بغدادبشأن حفر الخندق، مما دفع الكاتب والمحلل السياسي أحمد الأبيض إلى اعتبار الخطوة نتيجة طبيعية لعدم الاتفاق السياسي في العراق ممثلا بطبقته السياسية.
وقال الأبيض في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إن "الأكراد قالوا بشكل واضح إن من يدفع الدم يستحوذ على الأرض"، وأضاف "ما لا تستطيع السياسة تحقيقه فالميدان يحسمه على ما يبدو، إذ إن حفر الخنادق يبدو قصة أمنية بأبعاد سياسية".
واعتبر أن الأزمة السياسية بين الإقليم والحكومة المركزية قديمة -منذ حكومة المالكي الأولى- ولم تحل حتى الآن، وتساءل "كيف سيتغير الحال بعد عشرين سنة؟ هل ستبقى هذه الأراضي تحت بند واقع الحال؟".