الدبلوماسية المصرية.. سلسلة من العثرات

عبد الرحمن محمد-القاهرة
وبات من المكرر منذ الانقلاب العسكري رصد مواقف مثيرة للجدل من قبل ممثلي الدبلوماسية المصرية، وفي مقدمتهم وزيرا الخارجية خلال هذه الفترة وممثلان لها في محافل دولية وعربية.
واعتبر مراقبون وصف وزير الخارجية السابق نبيل فهمي العلاقة بين بلاده وأميركا في مايو/أيار 2004 بـ"الزواج" وأنها ليست "نزوة أو علاقة عابرة" أحد أسباب الإطاحة به وتغييره في الشهر التالي لإدلائه بهذا التصريح.
ولم يكن الوزير الحالي سامح شكري أحسن حالا، فقد أثار العديد من مواقفه جدلا واسعا بوسائل الإعلام، ومن ذلك الحساسية الواضحة التي أظهرها في التعامل مع ميكروفون قناة الجزيرة مرتين متتاليتين في ديسمبر/كانون الأول الماضي في اجتماعات متعلقة بملف سد النهضة الإثيوبي بالسودان.
ويلحق بموقفه من ميكروفون الجزيرة، انسحابه في فبراير/شباط الماضي من جلسة بمؤتمر الأمن في ميونيخ حين صعود وزير الخارجية القطري خالد العطية لإلقاء كلمته، وكذلك تجاهله في أبريل/نيسان الماضي مصافحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء تسليمه رئاسة قمة التعاون الإسلامي بإسطنبول.

مسلسل مستمر
وضمن مسلسل السقطات التي لاحقت الأداء الدبلوماسي المصري، عدم موافقة مندوب مصر بالأمم المتحدة في مارس/آذار الماضي على قرار يدين الانتهاكات الجنسية التي يرتكبها جنود قوات الأمم المتحدة، ورفضه خلال تولي بلاده رئاسة مجلس الأمن لشهر مايو/أيار الماضي، عقد جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الروسي السوري على مدينة حلب.
وفي هذا السياق، يرى البرلماني السابق ثروت نافع أن أداء الخارجية المصرية يعكس حالة تدهور وعدم احترافية ظهرت في مصر منذ بدايات حكم العسكر في ١٩٥٢، وتضخمت بصورة غير مسبوقة منذ الانقلاب، وباتت هذه السقطات في الآونة الأخيرة منهجا.
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن ذلك يرجع لكون من يتولون زمام القيادة يُختارون على أساس أنهم أهل نفاق للنظام، بينما لا اعتبار لأصحاب الخبرة، كما يرى أن اعتلاء قيادات الجيش المناصب الدبلوماسية كجائزة لهم على خدمة النظام العسكري كان من الأسباب التي أثرت في تراجع الدبلوماسية المصرية.

خلل بالاختيار
بدوره، يرى رئيس تحرير صحيفة المشهد مجدي شندي أن هناك خللا في اختيار من يمثلون مصر في محافل دولية وإقليمية يعكسه تكرار الأخطاء التي تنفي عنصر المصادفة.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أنه قد يكون هناك تربص وتصيد للدبلوماسية المصرية، "لكن دور من يمثلون مصر هو التصرف بحكمة ومسؤولية وليس ارتكاب الأخطاء ثم تعليقها على تلك الشماعة"، معتبرا أن الإحساس برغبة أطراف دولية في تصيد الأخطاء يتطلب ذكاء في الأداء لتفويت الفرصة عليها.
في المقابل، يرى مختار الغباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الدبلوماسية المصرية رغم وقوعها في بعض الأخطاء، تميزت منذ 3 يوليو/تموز 2013 باعتماد فكر جديد لم يكن موجودا في السابق.
وأضاف للجزيرة نت أن الدبلوماسية المصرية اعتمدت شكلا فريدا من أشكال المناورة الخارجية، حيث لم تعد مرهونة بالعلاقة مع أميركا، وفتحت آفاقا إيجابية مع روسيا ودول جنوب شرق آسيا وأوروبا بطرفيها الشرقي والغربي، ولم يبق أمامها إلا الانفتاح على أميركا اللاتينية.
ويعتبر الغباشي أن ما تم رصده باعتباره "سقطات" للدبلوماسية المصرية "لا يعد مأخذا عليها"، فهي في تقديره مواقف تقع فيها جميع الدبلوماسيات بما فيها التابعة للدول الكبرى في العالم، وهي لا تعكس توجها محددا أو تدل على قصور أو ضعف.