هجوم الركبان ضربة مزدوجة للأردن واللاجئين السوريين

(FILE) A file photograph dated 10 September 2015 showing Jordanian soldier helping Syrian refugees children upon their arrival at the Jordan Syria border point of Al-Rugban area in the north east of Jordan. According to military sources a car bomb in the early morning of 21 June 2016, exploded at the border with Syria, killing and wounding several Jordanian troops.
جنود أردنيون في منطقة الركبان يقدمون المعونة لأطفال اللاجئين السوريين (الأوروبية-أرشيف)
هديل صديق-عمّان
 
يكشف هجوم الركبان الذي وقع الثلاثاء عند الحدود الشمالية الشرقية للأردن عن تحديات حقيقية تواجه عمان، بينها الجانب الإنساني للسوريين العالقين على الحدد والدخول في مواجهة مباشرة مع تنظيم الدولة الإسلامية.

الهجوم الذي وجهت الحكومة الأردنية أصابع الاتهام فيه لتنظيم الدولة وراح ضحيته سبعة من أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأوقع 13 جريحا؛ أفشل إستراتيجية طالما نادت بها الدولة الأردنية بإبعاد عناصر هذا التنظيم أكثر من خمسين كيلومترا عن حدودها مع سوريا التي تمتد إلى أكثر من 375 كيلومترا.

ويشير الهجوم إلى خلل أمني وقع عند الحدود، حيث رأى خبراء عسكريون أن على السلطات تعزيز إجراءاتها العسكرية والأمنية بشكل أكبر، وأن عليها أيضا مراجعة قواعد الاشتباك المتبعة لتفادي أعمال مماثلة.

ويقول الخبير العسكري فايز الدويري للجزيرة نت إن هجوم الركبان يكشف عن خلل في المنظومة الأمنية عند الحدود.

وأضاف أن الاقتراب من خيام اللاجئين العالقين في المنطقة الحرام من الساتر الحدودي الأردني يشكل خطرا جسيما، كما أن ارتفاع الستر الأردنية عند الحدود لا يتجاوزا مترا واحدا، في حين يتوجب على السلطات رفعها إلى ثلاثة أو أربعة أمتار. 

إعلان

نفوذ على الأرض
وأكدت مصادر في المعارضة السورية للجزيرة نت أنه بالرغم من خسارة التنظيم مناطق مهمة قريبة من الحدود الأردنية، كمعبر التنف ومناطق في البادية السورية، فإن فصائل تتبعه ما زالت تمتلك نفوذا على مناطق حدودية قريبة من الأردن.

وتتمثل هذه الأماكن تحديدا في المناطق الشمالية الشرقية وحوض اليرموك في ريف درعا الغربي الذي أعلنت "وكالة أعماق" التابعة للتنظيم قبل أيام عن توحد فصائل تتبع التنظيم فيه تحت مسمى "جيش خالد بن الوليد".

وأضاف المصدر أن أيادي التنظيم امتدت لمناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، مثل منطقة مخيم الركبان الذي يسيطر عليه فصيل "جيش أسود الشرقية" و"قوات الشهيد أحمد عبدو"، وهو ما يجعل عمّان أمام تحد ومواجهة مع تنظيم بات يتحرك من مسافة الصفر عن حدودها.

‪المومني: نبحث مع الأمم المتحدة سبل إيصال المساعدات للعالقين على الحدود‬ (الجزيرة)
‪المومني: نبحث مع الأمم المتحدة سبل إيصال المساعدات للعالقين على الحدود‬ (الجزيرة)

وفي مقابل التحدي الأمني، تبرز تحديات إنسانية كبيرة تتعلق بمئة ألف سوري عالقين على الحدود الأردنية، عصفت بهم رياح الحرب في مناطقهم وألجأتهم إلى مخيمات الركبان والحدلات الواقعة في المنطقة الحرام بين البلدين، وهم يعيشون أوضاعا مأساوية بسبب قلة المساعدات والخدمات الصحية والغذائية المقدمة لهم. 

وقطع أكثر من سبعين ألفا من السوريين مئات الكيلومترات نزوحا من مناطق سيطر عليها تنظيم الدولة كدير الزور وتدمر والرقة إلى ما أطلق عليه "مخيم الركبان".

أما مخيم الحدلات، فكان وجهة النازحين من مدينة درعا ومحيطها، التي تبعد أيضا مئات الكيلومترات.

وأجبر هجوم الركبان الأردن على اتخاذ قرارات عسكرية صارمة تمثلت في إعلان المناطق الحدودية الشمالية والشمالية الشرقية مناطق عسكرية مغلقة، ومنعت السماح لأي شخص بالعبور من وإلى أراضيها، بالإضافة إلى قرارها وقف بناء وتوسيع المخيمات السورية.

إعلان

بين المطرقة والسندان
ويرى متابعون في حديثهم مع الجزيرة نت أن هذه التطورات تضع السوريين العالقين خلف الحدود بين فكي كماشة، فباتوا ضحية معركة لا يمكن تقدير مستقبلها ولا مستقبلهم معها.

‪راكان السعايدة: قرار وقف استقبال اللاجئين لن يكون نهائيا‬ (الجزيرة)
‪راكان السعايدة: قرار وقف استقبال اللاجئين لن يكون نهائيا‬ (الجزيرة)

ودفعت القرارات الأخيرة منظمة العفو الدولية إلى مطالبة عمان بالتراجع عن إغلاق الحدود أمام عشرات الآلاف من السوريين الفارين من الحرب، وقالت في بيان صحفي إن هذا القرار سيؤدي إلى تفاقم معاناة العالقين وسيعرض حياتهم للخطر. 

وأضاف البيان أن "على الأردن توفير الحماية والمساعدة للفارين من العنف، وحرمانهم من الدخول يشكل انتهاكا للقانون الدولي".

من جهته، طالب الناطق باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام محمد المومني في مؤتمر صحافي العالم والمجتمع الدولي بتفهم تلك القرارات والضغوط التي تواجه بلاده، مؤكدا أن الجهات المعنية تبحث حاليا مع منظمات الأمم المتحدة سبل إيصال المساعدات الإنسانية للعالقين على الحدود.

وفي السياق ذاته، قال المحلل والكاتب الصحفي راكان السعايدة للجزيرة نت إنه لا يمكن اعتبار قرار وقف استقبال اللاجئين نهائيا، متوقعا استئناف استقبالهم بعد فترة بسبب الضغوط الدولية، وبسبب التزام عمان بالمواثيق الدولية، لكن مع تكثيف الاحتياطات الأمنية المسبقة في استقبال اللاجئين لتفادي أي مخاطر.

وأضاف أن استمرار أزمة اللجوء قد يسهم في الضغط على المجتمع الدولي وانتزاع إجراءات عملية للالتزام بتعهداته المالية، خاصة ما تم إقراره في مؤتمر لندن.

المصدر : الجزيرة

إعلان