هجوم الركبان ضربة مزدوجة للأردن واللاجئين السوريين

ويشير الهجوم إلى خلل أمني وقع عند الحدود، حيث رأى خبراء عسكريون أن على السلطات تعزيز إجراءاتها العسكرية والأمنية بشكل أكبر، وأن عليها أيضا مراجعة قواعد الاشتباك المتبعة لتفادي أعمال مماثلة.
ويقول الخبير العسكري فايز الدويري للجزيرة نت إن هجوم الركبان يكشف عن خلل في المنظومة الأمنية عند الحدود.
وأضاف أن الاقتراب من خيام اللاجئين العالقين في المنطقة الحرام من الساتر الحدودي الأردني يشكل خطرا جسيما، كما أن ارتفاع الستر الأردنية عند الحدود لا يتجاوزا مترا واحدا، في حين يتوجب على السلطات رفعها إلى ثلاثة أو أربعة أمتار.
نفوذ على الأرض
وأكدت مصادر في المعارضة السورية للجزيرة نت أنه بالرغم من خسارة التنظيم مناطق مهمة قريبة من الحدود الأردنية، كمعبر التنف ومناطق في البادية السورية، فإن فصائل تتبعه ما زالت تمتلك نفوذا على مناطق حدودية قريبة من الأردن.
وتتمثل هذه الأماكن تحديدا في المناطق الشمالية الشرقية وحوض اليرموك في ريف درعا الغربي الذي أعلنت "وكالة أعماق" التابعة للتنظيم قبل أيام عن توحد فصائل تتبع التنظيم فيه تحت مسمى "جيش خالد بن الوليد".
وأضاف المصدر أن أيادي التنظيم امتدت لمناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، مثل منطقة مخيم الركبان الذي يسيطر عليه فصيل "جيش أسود الشرقية" و"قوات الشهيد أحمد عبدو"، وهو ما يجعل عمّان أمام تحد ومواجهة مع تنظيم بات يتحرك من مسافة الصفر عن حدودها.

وفي مقابل التحدي الأمني، تبرز تحديات إنسانية كبيرة تتعلق بمئة ألف سوري عالقين على الحدود الأردنية، عصفت بهم رياح الحرب في مناطقهم وألجأتهم إلى مخيمات الركبان والحدلات الواقعة في المنطقة الحرام بين البلدين، وهم يعيشون أوضاعا مأساوية بسبب قلة المساعدات والخدمات الصحية والغذائية المقدمة لهم.
وقطع أكثر من سبعين ألفا من السوريين مئات الكيلومترات نزوحا من مناطق سيطر عليها تنظيم الدولة كدير الزور وتدمر والرقة إلى ما أطلق عليه "مخيم الركبان".
أما مخيم الحدلات، فكان وجهة النازحين من مدينة درعا ومحيطها، التي تبعد أيضا مئات الكيلومترات.
وأجبر هجوم الركبان الأردن على اتخاذ قرارات عسكرية صارمة تمثلت في إعلان المناطق الحدودية الشمالية والشمالية الشرقية مناطق عسكرية مغلقة، ومنعت السماح لأي شخص بالعبور من وإلى أراضيها، بالإضافة إلى قرارها وقف بناء وتوسيع المخيمات السورية.
بين المطرقة والسندان
ويرى متابعون في حديثهم مع الجزيرة نت أن هذه التطورات تضع السوريين العالقين خلف الحدود بين فكي كماشة، فباتوا ضحية معركة لا يمكن تقدير مستقبلها ولا مستقبلهم معها.

ودفعت القرارات الأخيرة منظمة العفو الدولية إلى مطالبة عمان بالتراجع عن إغلاق الحدود أمام عشرات الآلاف من السوريين الفارين من الحرب، وقالت في بيان صحفي إن هذا القرار سيؤدي إلى تفاقم معاناة العالقين وسيعرض حياتهم للخطر.
وأضاف البيان أن "على الأردن توفير الحماية والمساعدة للفارين من العنف، وحرمانهم من الدخول يشكل انتهاكا للقانون الدولي".
من جهته، طالب الناطق باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام محمد المومني في مؤتمر صحافي العالم والمجتمع الدولي بتفهم تلك القرارات والضغوط التي تواجه بلاده، مؤكدا أن الجهات المعنية تبحث حاليا مع منظمات الأمم المتحدة سبل إيصال المساعدات الإنسانية للعالقين على الحدود.
وفي السياق ذاته، قال المحلل والكاتب الصحفي راكان السعايدة للجزيرة نت إنه لا يمكن اعتبار قرار وقف استقبال اللاجئين نهائيا، متوقعا استئناف استقبالهم بعد فترة بسبب الضغوط الدولية، وبسبب التزام عمان بالمواثيق الدولية، لكن مع تكثيف الاحتياطات الأمنية المسبقة في استقبال اللاجئين لتفادي أي مخاطر.
وأضاف أن استمرار أزمة اللجوء قد يسهم في الضغط على المجتمع الدولي وانتزاع إجراءات عملية للالتزام بتعهداته المالية، خاصة ما تم إقراره في مؤتمر لندن.