مطالب روسية تعقد الحل مع تركيا

رانيا دريدي-موسكو
وجاء التأكيد الروسي ردا على تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبدى فيها رغبته في تحسين العلاقات مع موسكو، معربا عن قلقه للتضحية بالعلاقات بين البلدين بسبب "خطأ طيار" حسب وصفه.
وفي هذا الإطار قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الجانب الروسي ينتظر اعتذارا وإيضاحا لأسباب ما حصل، ودفع تعويضات عن الطائرة التي أسقطت، وكذلك تعويضات لعائلة الطيار الروسي، ثم توضيح على مختلف المستويات، وعلى رأسها الرئيس الروسي".
وأضاف بيسكوف أن موسكو تشعر بالأسف الشديد لعدم اتخاذ تركيا أي خطوات لتحسين العلاقات مع موسكو حتى الآن، حسب تعبيره.
حفظ ماء الوجه
وقد دفع تمسك كل طرف بموقفه عددا من الخبراء والمحللين السياسيين الروس للقول إن العلاقات الروسية التركية تمر بأزمة هي الأسوأ من نوعها في التاريخ الحديث ووصلت إلى طريق مسدود، ورغم الخسائر الاقتصادية التي تسببت فيها الأزمة على كلا البلدين فإن كلا الطرفين ما زال يتمترس عند موقفه.

واعتبر النائب السابق لوزير الخارجية الروسي أندريه فيودوروف تصريحات الرئيس التركي الأخيرة محاولة لإيجاد حل سياسي وسط للأزمة مع روسيا، "بطريقة يحافظ من خلالها على ماء وجهه".
وقال في هذا الصدد "أردوغان يدعو موسكو من خلال تصريحاته للاعتراف بخطأ الطيار الروسي. بالمقابل يريد القول إن أنقرة ستعترف حينها بأنها قامت بمعاقبة الطيار الروسي بطريقة خاطئة".
والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة لروسيا التي لا تستطيع التراجع عن تصريحاتها ومطالبها نظرا للصدى الإعلامي الواسع لهذه القضية داخليا وخارجيا، فهي -وفقا لفيودوروف- لا ترغب في فقدان ماء وجهها داخل البلاد، وهو أمر هام جدا، خاصة أنها تقف على عتبة انتخابات برلمانية، وإذا وافقت موسكو على استرجاع العلاقات مع أنقرة فستكون مضطرة لشرح الأسباب لمواطنيها.
لا تحسن
وأبعد من ذلك فإن الخبراء الروس يستبعدون أي تحسين للعلاقات الروسية التركية على المدى القريب، ويرى المحلل السياسي في قسم العلوم السياسية بمدرسة الاقتصاد الروسية العليا ليونيد إيسايف أن السيناريو الأقرب إلى الواقع في ظل التطورات السياسية الراهنة هو حفاظ موسكو وأنقرة على المستوى الحالي لعلاقاتهما.

وقال إيسايف إن "الصعوبة تكمن في أن كلا الطرفين محق في طريقته، فروسيا التي كانت تنطلق في عملياتها من الخرائط المقدمة لها من قبل السلطات السورية، محقة لكونها لم تخترق الحدود انطلاقا من تلك الخرائط، بينما الأتراك محقون في كون الطائرة الحربية الروسية انتهكت أجواءهم انطلاقا من خرائطهم. ونحن جميعنا نعلم أن الحدود بين سوريا وتركيا لم يتم ترسيمها بشكل واضح إلى الآن".
ويرى أن الأزمة السورية واختلاف الرؤية السياسية للبلدين في سبل احتوائها، بالإضافة إلى قضية الأكراد في شمال سوريا واستخدام روسيا هذه القضية للضغط على أنقرة، كل ذلك من شأنه أن يزيد الطين بلة، وهو عائق كبير أمام تحسين العلاقات الثنائية.
ووفق المحلل الروسي فإنه حتى لو لم يقصف الأتراك الطائرة الحربية الروسية، لتسبب حادث آخر في تأزيم المنطقة، حتى وإن لم يبلغ الوضع السوء الذي عليه حاليا، فسوريا بالنسبة لتركيا هي القضية الأولى في سياستها الخارجية، وهي جارتها وفي تحدّ معها، ولها فيها مصالح، وهي مهتمة باستقرارها ووجود نظام صديق لها فيها".