الهدنة بجنوب كردفان هل تفتح الطريق للحل؟

فتح قرار الرئيس السوداني عمر البشير بوقف الحرب وكافة العمليات العسكرية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان الباب للحديث عن مدى إمكانيته في حل الأزمة بالمنطقتين وموقف متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال منه، وكذلك التكهنات بشأن دواعيه في ظل ما تعلنه المؤسسة العسكرية السودانية من انتصارات في جبهات القتال.
ونقل القرار الذي جاء بعد يوم من زيارة مفاجئة للبشير إلى دولة قطر، الكرة إلى ملعب المتمردين الذين ظلوا يتهمون الحكومة بمبادرة العداء والحرب.
وبحسب القرار فإنه جاء لمنح الحركات المتمردة الفرصة للانضمام للعملية السلمية في البلاد، مع تجديد الدعوة لجميع القوى السياسية والحركات المسلحة للانضمام للحوار الوطني قبل انعقاد جمعيته العمومية في السادس من أغسطس/آب المقبل.
لكن الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال المعنية أساسا بالقرار أبدت ترحيبا مشروطا بضرورة أن يمهد لإجراءات بناء ثقة تستند على مخاطبة القضايا الإنسانية وتوفير الحريات ووقف الحرب بشكل متلازم ومتزامن، وعدم عزل أي طرف من قوى ما يعرف بتحالف نداء السودان وكافة أطياف المعارضة من العملية السياسية والحوار المتكافئ لاسيما قوى الإجماع الوطني.
وفي المقابل يربط محللون سياسيون القرار بما تم من نقاش بين الخرطوم والدوحة في زيارة البشير الأخيرة من جهة، وبين الاتصالات التي تمت بين الخرطوم وواشنطن من جهة ثانية، وبينها وبين الاتحاد الأفريقي ممثلا في مبعوثه للسلام ثابو مبيكي من جهة ثالثة.
سيناريو جديد
وبحسب هؤلاء المحللين فإن سيناريو جديدا يعد للإخراج "يتطلب مرونة من أطراف المعادلة السودانية المختلفة"، متوقعين أن ذلك ربما يقود إلى تسوية في كثير من الملفات القائمة.

وكان البشير أعلن مساء الجمعة وقفا لإطلاق النار في جميع مسارح العمليات العسكرية في جنوب كردفان والنيل الأزرق لمدة أربعة أشهر تبدأ من السبت لمنح الحركات المسلحة الفرصة للانضمام للسلام، وفق ما جاء في القرار.
في حين قالت الحركة الشعبية- قطاع الشمال إن وقف إطلاق النار لمدة أربعة شهور الذي أعلنه البشير ليس الأول من نوعه، بل سبقه إعلان من قوى نداء السودان وتنظيماته التي تقاتل الحكومة.
وأكدت في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه أن الإعلانين الأول والثاني "ولكي لا يصبحا نوعا من أنواع العلاقات العامة فإننا ندعو النظام في الخرطوم لإرسال وفوده لأديس أبابا فورا للجلوس في إطار الوساطة الأفريقية لتفعيلهما والوصول إلى آليات ومراقبة لوقف العدائيات".
عملية سلمية
وقالت الحركة إن ذلك "يجب أن يكون في إطار عملية سلمية شاملة، أول أغراضها مخاطبة القضايا الإنسانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، بجانب ووقف قصف الطيران للمدنيين، وإطلاق سراح جميع الأسرى وكذلك إطلاق سراح المعتقلين لاسيما طلاب الجامعات الذين تحولوا إلى أسرى في المعتقلات".

ويعتبر الخبير الإستراتيجي حسن مكي أن التحركات الأميركية والأفريقية والعربية مع القرار تمثل "سيناريو واحدا هو تحقيق السلام في السودان"، مشيرا إلى أن التحرك الأميركي جاء بعد فشل مشروع جنوب السودان.
ويقول للجزيرة نت إن السيناريو سيكون مكملا للحوار الوطني في الخرطوم وخريطة الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي التي طرحها في مارس/آذار الماضي، معربا عن اعتقاده بأن الخطوة ربما تأتي في إطار الضغوط الخارجية على المعارضة والحكومة للوصول إلى تسوية في البلاد.
وبدوره ربط أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة بين الضغوط الخارجية التي تتعرض لها الحكومة والمعارضة على السوء وبين ما وصلت إليه البلاد من ترد يفرض مزيدا من القرارات.
وباعتقاده أن القرار مهد الطريق لمزيد من الضغوط الخارجية على المعارضة المسلحة، مشيرا في تعليقه للجزيرة نت إلى التحركات المكثفة لمبيكي والمبعوث الأميركي للضغط لجهة السلام في السودان.