"القبعات البيض".. مهمة صعبة بمواجهة القصف بسوريا

يتذكر السوريون جيدا تاريخ 2016/4/26 عندما أغارت طائرات روسية على مركز للدفاع المدني في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي فقتلت خمسة من عناصره ودمرت المركز بالكامل، وقد أثارت هذه الحادثة تعاطف السوريين.
وأعلن سوريون على وسائط التواصل الاجتماعي تضامنهم مع أصحاب القبعات البيض، ووضعوا الشعار الخاص بهم على صفحاتهم الشخصية، ولم تكن تلك الحادثة الأولى التي تستهدف فيها مراكز الدفاع المدني ولم تكن الأخيرة.
وتحت شعار "إنقاذ الناس" الذي اتخذته هذه الفرق تعبر طواقم الدفاع المدني عن استعدادها لعمل المستحيل في سبيل إنقاذ أي شخص في مناطقها، سواء العالقون تحت الأنقاض أو المتضررون من القصف والحرائق الناجمة عنه.
ويقول قائد الدفاع المدني في مدينة حلب بيبرس مشعل إن طواقمه تمتثل الآية الكريمة "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وهي تمارس عملها، وقد ارتضوا هذا العمل الذي يعيشون فيه أياما متواصلة من القصف والمجازر.

إنقاذ الأبرياء
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن بعض الشباب ينال منهم التعب النفسي والجسدي بسبب مناظر الجثث، خصوصا الأطفال والنساء، لكن يبقى دافع إنقاذ الناس الأبرياء من تحت الأنقاض أقوى من أي شيء، "وسنبقى نقدم هذه الخدمة للناس، سواء بأجر أو بغير أجر، فهم بحاجتنا ونحن جزء منهم ونعيش وإياهم ذات الظروف".
ويتابع بيبرس أن من أكثر المخاطر التي يواجهها العاملون في الدفاع المدني هي اللحظات الذي يعاود فيها الطيران الروسي أو طيران النظام قصف نفس المكان أثناء القيام بعمليات الإنقاذ.
ويوضح أن فرق الإنقاذ تواجه صعوبات ومخاطر كبيرة تصل أحيانا لمواجهة الموت خلال الغارات، إضافة إلى الضغط النفسي ومسابقة الوقت للبحث تحت الركام عن المصابين ونقلهم للمشافي، "والطائرات الحاملة للموت تحوم فوقنا".
طريق الموت
ويصف لحظات عمل الطواقم في طريق الكاستيلو الشريان الوحيد لمدينة حلب والذي بات بفعل القصف المتكرر شبه مقطوع "قمنا بالذهاب إلى هناك رغم كل المخاطرة لإسعاف الجرحى وانتشال بعض جثث الشهداء التي بقيت عالقة على هذا الطريق، ومع ذلك نحمل دماءنا على أكفنا ونذهب وربما ولا نعود، ومع ذلك قبل الجميع بالمخاطرة لإنقاذ الناس".
وقد بلغ عدد القتلى من رجال الدفاع المدني في حلب 31، وفي عموم سوريا 112، إضافة إلى تعرض كثير منهم لإصابات بعضها خطيرة.
ولا يقتصر عمل الدفاع المدني على أعمال الإنقاذ والإسعاف بل يمتد لإطفاء الحرائق في المنازل والحقول، وإسعاف المصابين جراء حوادث السير، إضافة إلى حملات التشجير وفتح الطرقات بعد تنظيفها من الركام.
ويقول بيبرس إن الدفاع المدني عمل مؤسساتي مدني في زمن الحرب والسلم، ويتم تأهيل كوادرنا من المتطوعين الراغبين بالعمل معنا بعد خضوعهم لدورات تدريبية متكررة للحصول على الخبرة في التعامل مع ظروف الحرب وعمليات الإنقاذ.