ماذا تغير منذ تأسيس الجيش الشعبي بجنوب السودان؟
هيثم أويت-جوبا
ومع أن توقيع اتفاق السلام النهائي بين أطراف الحركة الثلاثة: الحكومة، والمعارضة المسلحة، ومجموعة ما يعرف بالمعتقلين السياسيين؛ يقضي بتقاسم السلطة بينها، فإن الجيش ظل منفصلا عن هذه العملية.
وتحتفظ كل من الحكومة والمعارضة المسلحة بقواتها في أماكن نطاق سيطرتها، باستثناء القوة المشتركة التي أقرتها اتفاقية السلام الشامل، غير أن الملاحظ أن قوات المعارضة لم تشارك نظيرتها الحكومية الاحتفال بهذه الذكرى، على الرغم من تواجدها في العاصمة جوبا، مما يفتح بابا للتساؤل حول مدى إمكانية توحيد هذه القوات مرة أخرى، بعد أن كانت في السابق نواة لجيش خاض حروبا لأكثر من عقدين؛ أفضت إلى انفصال البلاد عن الدولة الأم السودان.
والشاهد أن ذكرى تأسيس الجيش الشعبي لم تحظ هذه المرة بزخم جماهيري كبير كما كان معهودا في السنوات السابقة؛ فالتوجس والتحفظ سمتان غالبتان على الأجواء السياسية بالبلاد.
كما أن عدم تنفيذ اتفاق أروشا القاضي بإعادة وحدة الحزب مرة أخرى ربما أسهم في انحسار رغبة الاحتفال بالمناسبة لدى كل طرف.
وقال المسؤول الإعلامي للمعارضة المسلحة وليم إزيكيل للجزيرة نت إن هذه الذكرى "لها مكانة خاصة في قلوبنا ونحتفل بها في وجداننا، لكننا لن نشارك الحكومة باحتفالها الرسمي".
وأضاف أن الاتفاق ميثاقٌ بين المعارضة والحكومة يمتد 18 شهرا، بعدها سيعاد دمج وتوحيد هذه القوات عبر أسس جديدة، مشيرا إلى أن تلك القوات سيكون أساسها الكفاءة وليس الولاء أو الجهوية.
وعلى الجانب الآخر، نظم الجيش الشعبي الحكومي احتفالية مصغرة داخل القيادة العامة في منطقة بيلفام العسكرية، تخللتها عروض عسكرية وطوابير سير وخطب من وزير الدفاع وقادة عسكريين، ركزت في مجملها على أهمية الدور الذي ينبغي للجيش أن يلعبه في المرحلة القادمة لحماية السلام.
وفي سياق متصل، أقامت مؤسسة الجيش الأحمر -وهي مؤسسة تضم قدامى المحاربين في الجيش الشعبي- احتفالا مماثلا حضره سياسيون وقادة في حزب الحركة الشعبية الحاكم.
وفي حديث للجزيرة نت، قال أنتفاس نوك القيادي في حزب الحركة الشعبية إن تنفيذ اتفاقية السلام هو المخرج الوحيد لمشكلات البلاد الراهنة، وأضاف أن القادة السياسيين في جنوب السودان ملزمون بتنفيذ الاتفاق، وأن على الجنوبيين نسيان الماضي من أجل اللحاق بالمستقبل.
ومما أسهم في تراجع الاهتمام الجماهيري بهذه الذكرى هو -على الأرجح- الواقع الاقتصادي المتأزم في جنوب السودان، والمتمثل في النقص الحاد في ضروريات الحياة اليومية، وانخفاض سعر العملة المحلية لمستويات قياسية مقابل العملات الأجنبية، وبالتالي الارتفاع الحاد في أسعار السلع.
يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه بعض الفصائل المسلحة ترفض اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والمعارضة، وتقول إنها ستواصل القتال ضد الطرفين؛ مما يزيد من حجم معاناة المدنيين في البلاد.