انتقادات حقوقية لمحاكمة متظاهرين في الجزائر
عبد الحميد بن محمد-الجزائر
وقالت العفو الدولية في بيان لها إن السلطات الجزائرية تفرض قيودا شديدة على حرية التظاهر السلمي وتحاكم نشطاء وحقوقيين بتهمة التجمهر، مضيفة أن الحكومة وضعت تشريعات تقمع المتظاهرين السلميين.
ودعت المنظمة الحقوقية الحكومة الجزائرية إلى رفع هذه القيود والتوقف عن سعيها لإسكات المتظاهرين السلميين، واصفة السنة الحالية بأنها "سنة قمعية بامتياز".
من جهته رد وزير الداخلية نور الدين بدوي على بيان منظمة العفو الدولية في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية، بأن التعديل الدستوري الجديد "كرس الحريات ورسخها أكثر من ذي قبل", معتبرا ذلك "ردا على كل محاولات المساس بهذه المكاسب المكرسة للديمقراطية ورقي المجتمع الجزائري".
وجاء هذا السجال على خلفية محاكمة أربعة من العاطلين عن العمل الخميس الماضي في مدينة حاسي مسعود جنوبي البلاد بتهمة الإخلال بالنظام العام والتجمهر غير المسلح، حيث التمست النيابة في حقهم السجن شهرين نافذين مع غرامة مالية بخمسة آلاف دينار (نحو 60 دولارا).
محاكمة غريبة
ويؤكد عضو اللجنة الجزائرية للدفاع عن العاطلين عن العمل الطاهر بلعباس -وهو أحد المتهمين الأربعة- أن المحاكمة التي تمت بمحكمة حاسي مسعود في جنوب البلاد "كانت غريبة".
وأضاف بلعباس في حديث للجزيرة نت أن الشركة النفطية سوناطراك رفعت ضدهم دعوى قضائية بتهمة الإخلال بالنظام العام والتجمهر، "وهي تهمة لا يملك حق المتابعة فيها سوى الجهات الأمنية أو النيابة العامة"، مشيرا إلى أن الأحكام النهائية ستصدر هذا الخميس.
ووصف هذه السنة بأنها قمعية بامتياز، "وكأن السلطات تصفي حساباتها مع النشطاء والحقوقيين"، معتبرا أن بيان العفو الدولية جاء متأخرا.
وانتقد بلعباس السلطات التي تواجه مطالب المواطنين بالقمع، وهو "ما يؤكد غياب الرؤية الاقتصادية والأمنية"، مؤكدا أن هذا التعامل لا يتم فقط مع العاطلين عن العمل بل مع كل المطالب الأخرى، "وبدلا من أن نلتقي بالمسؤولين نجد أنفسنا كل مرة في مواجهة مع الشرطة".
مبالغة كبيرة
من جهته يقول رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية المحامي فاروق قسنطيني إن تقرير منظمة العفو الدولية مبالغ فيه جدا، "رغم أنه لم يُبن على فراغ".
لكن قسنطيني أقر في حديث للجزيرة نت بوجود تجاوزات يجب معاقبة مرتكبيها، معبرا عن أمله في عودة الحق إلى أصحابه واحترام حق الأشخاص في التظاهر السلمي "ما عدا في العاصمة لأسباب أمنية".
كما دعا إلى تحسين الوضع لأن المسألة "تتعلق بسمعة الجزائر"، وذلك من خلال إيجاد طريقة تسمح بالحق في التظاهر السلمي دون أن يحدث صدام مع قوات الأمن والقضاء، معتبرا مطالبة العاطلين حقا دستوريا وطبيعيا.
من جانبه قال منسق شبكة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان المحامي أمين سيدهم إن حرية التظاهر السلمي مقيدة جدا، خصوصا في العاصمة الجزائرية.
وأضاف سيدهم في حديث للجزيرة نت أن السلطات تسمح للمظاهرات المؤيدة لنظام الحكم، أما إذا كان المتظاهرون من المطالبين بحقوقهم المكرسة في الدستور فيتم اضطهادهم ومتابعتهم أمام القضاء، مشيرا إلى أن محاكمة الأربعة ليست الأولى من نوعها، ومؤكدا أن ما ورد في بيان منظمة العفو الدولية "واقع ولم يتم خلقه من عدم".