تداعيات تهديد المعارضة السورية على المفاوضات
رأفت الرفاعي-غازي عينتاب
هددت فصائل في المعارضة السورية المسلحة مؤخرا بالانسحاب التام من العملية السياسية، مشترطة وقف خروقات قوات النظام لاتفاق وقف الأعمال العدائية, لكن النظام شن المزيد من الهجمات قبل أن تعلن روسيا عن هدنة جديدة، حيث يرى البعض أن المعارضة حققت بذلك بعض أهدافها.
وطالبت المعارضة في بيانها بوقف هجوم النظام على داريا في ريف دمشق, وإدخال المساعدات إلى البلدة المحاصرة منذ نحو ثلاثة أعوام ونصف العام.
وانتهت المهلة التي حددها بيان الفصائل بثمان وأربعين ساعة, كما شهدت الساعات الأخيرة منها هجوما لقوات النظام على داريا، في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن مهلة في داريا والغوطة الشرقية لثلاثة أيام, ثم ألحقتها وزارة الخارجية الأميركية بيان أصدره مبعوثها الخاص إلى سوريا مايكل راتني، غلب عليه طابع المناشدة والأمل بعدم تخلي المعارضة عن الهدنة.
هدف سياسي
وقال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد إن البيان حقق هدفه سياسيا عبر الضغط على روسيا للإيعاز لقوات النظام بإعلان هدنة لثلاثة أيام تشمل مدينة داريا والغوطة الشرقية.
وشدد أبو زيد على أن الفصائل الموقعة على البيان ملتزمة حتى الآن بالانسحاب من العملية السياسية إذا استمرت قوات النظام في محاولتها اقتحام داريا أو خرقها اتفاق الهدنة, الذي ينص على عدم جواز استيلاء أي طرف على أراض يسيطر عليها الطرف الآخر.
وقال إن حركة أحرار الشام أعلنت التزامها بالبيان عبر بيان تأييد مستقل، رغم أنها لم توقع على البيان.
واعتبر أبو زيد أن هناك فصائل سارعت استنادا إلى البيان واستهدفت مواقع لقوات النظام في أكثر من مكان, كما كشف عن مساع تجري الآن لجمع فصائل الجيش الحر وفصائل أخرى في غرفة عمليات مشتركة لتنسيق عمليات عسكرية مشتركة ومتزامنة في مناطق مختلفة تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
في المقابل, أبدى متابعون خشيتهم أن يكشف البيان عن خلافات في المعارضة المسلحة، وأن تفشل جهود ضمّها في غرفة عمليات مركزية لتنسيق عمليات مشتركة في عموم سوريا, حيث يستفيد النظام عادة من التشتت في تجميع قواته وتركيزها.
واستدرك أبو زيد موكدا أن الموقف المعلن عنه في بيان المعارضة المسلحة يحظى بانسجام بين الفصائل على اختلافها وبين الائتلاف السوري المعارض والهيئة العليا للمفاوضات, وأن الانسحاب من العملية السياسية سيُنفذ إذا استمر التصعيد من جانب قوات النظام وحلفائه, وأن امتداد هذا الانسجام إلى الميدان وارد.
تقوية التطرف
من جهته، أيّد عضو الائتلاف المعارض سمير نشار موقف فصائل المعارضة واعتبارها أن العملية السياسية باتت عقيمة, وأضاف أن الهدنة عمليا منهارة وغير موجودة.
وانتقد نشار موقف الولايات المتحدة التي قال إنها تحولت من حليف للمعارضة إلى لعب ما يشبه دور الوسيط, لافتا إلى عجزها عن الضغط على النظام السوري وحلفائه لتنفيذ البنود الأساسية من الاتفاق, مع إجماع القوى حينها على أنها بنود فوق تفاوضية.
وقال عضو الائتلاف إن المدة المتبقية للرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض لن تنتج حلا سياسيا ولو بشكل جزئي, بل ستشهد تصعيدا عسكريا كبيرا سيكون سمة الأشهر القادمة, داعيا الدول الإقليمية وعلى رأسها السعودية وتركيا إلى القيام بمبادرات "مستقلة وشجاعة".
وأقر نشار بوجود مؤشرات لمثل هذه المبادرات إلا أنه رفض الإفصاح عن طبيعتها, وأشار إلى أن رصدها سيكون عبر الميدان وتطور المعارك, وأن حلب ستبقى هي البوصلة في الفترة القادمة.
وردا على سؤال عما إذا حمل بيان الخارجية الأميركية تهديدا مبطنا للتخلي عن المعارضة إذا انسحبت من اتفاق الهدنة, قال إن مثل هذه التهديدات إن صحت فهي جزء من ضغوط تؤدي ممارستها على الفصائل إلى تقوية التطرف في سوريا.