الأزهر والفاتيكان.. حوار ديني أم مصالح سياسية؟

دعاء عبد اللطيف-القاهرة
وسط أجواء وُصفت بـ"الودية جدا"، التقى بابا الفاتيكان فرانشيسكو بـشيخ الأزهر أحمد الطيب أمس الاثنين في الفاتيكان، وذلك بعد نحو عشر سنوات من العلاقات المتوترة، لكن البعض قلل من أهمية هذا التطور معتبرا أن الأزهر يسعى لتحسين علاقة السلطة المصرية بإيطاليا، بينما تفاءل آخرون بمخرجات اللقاء.
وبحسب بيان للفاتيكان فإن اللقاء -الذي امتد نصف ساعة- تطرق إلى "السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب، ووضع المسيحيين في إطار النزاعات والتوترات في الشرق الأوسط".
ولفت البيان إلى أن اللقاء عقد وسط أجواء ودية للغاية، وانتهى باتفاق على عقد مؤتمر عالمي للسلام، موضحا إشادة الطرفين بالدلالات المهمة لهذا اللقاء في إطار الحوار بين الإسلام والكاثوليكية.
ويأتي اللقاء بعد توتر العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر منذ سبتمبر/أيلول 2006، عندما ألقى البابا السابق بندكت محاضرة أشار فيها ضمنيا إلى أن الإسلام ينزع إلى العنف، كما ازداد التوتر عام 2008 عندما قام بندكت بتعميد المصري مجدي علام الذي تحول إلى المسيحية، ثم تأزمت الأمور مجددا مطلع 2011 عندما أدان البابا تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية داعيا إلى حماية المسيحيين المصريين، مما دفع الأزهر إلى تجميد علاقاته مع الفاتيكان.
وعندما تولى البابا الحالي مسؤولياته عام 2013، بعث شيخ الأزهر له برقية تهنئة، كما يرى البعض أن استقبال البابا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منزله عام 2014 كان بمثابة إعلان لعودة العلاقات، فبعد أسابيع تبادلت وفود الأزهر والفاتيكان الزيارات.

غير مؤثرة
من جهته، توقع رئيس هيئة ضمان جودة الدعوة عثمان عبد الرحيم ألا يتعدى أثر لقاء شيخ الأزهر والبابا الأخبار الصحفية، حيث رأى أنه لم يشعر أحد بانقطاع العلاقة بين الطرفين كما لن يشعر أحد بعودتها، معللا ذلك بعدم وجود أثر واضح لهذه العلاقة على الحراك الإسلامي.
وأضاف للجزيرة نت أن تأثير الكنيسة الكاثوليكية تراجع بسبب حصارها داخل إطار العلمانية، وأن الأزهر فقد تأثيره لانحيازه إلى مواقف سياسية "حادة"، فضلا عن ارتهان الشارع الإسلامي بتيارات مبنية على توجهات سياسية.
ورأى عبد الرحيم أن الإشكالية التي يجب طرحها تخص "التطرف الإسلامي" الممتد إلى أوروبا، معتبرا أن الحل هو طرح خطاب إسلامي جديد يجيب عن تساؤلات الغربيين بشأن نظرة الإسلام إلى الآخر.
أما عضو جبهة علماء الأزهر محمد عوف فقال إن السبب الحقيقي للزيارة هو تسويق شرعية الانقلاب العسكري فى مصر، وطلب دعم الفاتيكان لما يمثله البابا من مكانة عند الحكومات والشعوب الغربية.
وأضاف للجزيرة نت أن الزيارة تأتي كجزء من خطة أزهرية لدعم الانقلاب خارجيا كشرط سلطوي لبقاء كبار المشايخ في مناصبهم، وأن تداعيات الزيارة لا تتضمن أي ثمرة دينية، بحسب رأيه.

دعم الانقلاب
ويمثل اللقاء إحدى حلقات استخدام النظام المصري للأزهر لتوطيد حكمه، وفق رؤية رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري، حيث قال للجزيرة نت إن قيمة الأزهر تم تصغيرها أمام الفاتيكان لاسترضاء إيطاليا بعد تصعيدها قضية الشاب الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل بمصر ووجدت آثار تعذيب على جسده.
واعتبر خضري تطرق الحوار بين الطيب وفرانشيسكو للإرهاب ونبذ العنف استدراجا لأصحاب المناصب الدينية الإسلامية إلى فخ ربط دينهم بالإرهاب، مضيفا أن الإحصائيات العالمية تؤكد أن نحو87% من قتلى القرنين العشرين والحادي والعشرين لقوا حتفهم على أيدي أشخاص مسيحيين.
وفي المقابل، اعتبر المنسق العام للتيار العلماني المسيحي كمال زاخر زيارة الطيب للفاتيكان تاريخية، وأن الحوار بينهما سيؤدي إلى السلام، مضيفا أن المنطقة العربية تعيش لحظة فارقة، ومشددا على ضرورة وضع آليات محددة لإنجاح المؤتمر الدولي للسلام.