تحذيرات سفارات أجنبية تستدعي تكهنات متباينة بمصر
عبد الرحمن محمد – القاهرة
لم يدفع انزعاج الخارجية المصرية سفارات أميركا وكندا وبريطانيا لدى القاهرة إلى التراجع عن تحذير رعاياها بمصر من الوجود في الأماكن العامة والتجمعات اليوم الأحد.
وتضمنت التحذيرات التي تعاقبت خلال اليومين الماضيين، النص ذاته تقريبا، حيث نصحت السفارات الثلاث رعاياها بـ"تجنب التجمعات الكبيرة والأماكن العامة مثل قاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما والمتاحف ومراكز التسوق والملاعب الرياضية في القاهرة خلال الأحد المقبل بسبب مخاوف أمنية محتملة".
واستنكرت وزارة الخارجية إصدار مثل تلك البيانات، ودعا المتحدث باسمها كافة السفارات الأجنبية في مصر إلى "توخي الحذر من إصدار بيانات غير مبررة أو غير مفهومة أسبابها".
وبينما يذهب التفسير الرسمي للنظام وداعميه من الإعلاميين والسياسيين إلى اعتبار هذه البيانات "روتينية"، اعتبر محللون تلك التحذيرات جدية ومرتبطة بتخوفات حقيقية من وقوع اضطرابات أمنية أو أعمال عنف توفرت لدى السفارات معلومات عنها، وهو ما دفعها إلى إصدار تلك التحذيرات.
ورجح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة "توفر معلومات لدى هذه السفارات الثلاث عن احتمال ارتكاب أعمال إرهابية تستدعي أخذ الحيطة والحذر وإطلاق هذه التحذيرات لرعاياها في مصر".
ويرى نافعة أن المشكلة "تتمثل في إقدامها على إطلاق هذه التحذيرات بشكل علني دون التنسيق مع وزارة الخارجية"، مشيرا إلى عدم استبعاده أن تكون "محاولة للإيحاء بعدم استقرار الوضع الأمني في مصر، الذي من شأنه أن يُعثِّر جهود إنعاش السياحة ويُحدِث ضررا بسمعة مصر في الخارج".
ويبدي محلل الشؤون الدولية أنس القصاص ارتيابه من إطلاق هذه التحذيرات وتزامنها، مبررا ذلك بكون العلاقات بين هذه السفارات وأجهزة الدولة المصرية "متينة وقوية".
وقال القصاص "حسب الأعراف والتقاليد المتبعة، فإنه يتم إبلاغ الدولة بمثل هذه المعلومات للاستعداد لها، وبالتالي فإن القيام بمثل هذا الإعلان يعني أن شيئا ما يدبر تعلمه أجهزة تلك الدول أو ترامى إليه عبر إداراتها".
ويرى القصاص أن ذلك "يأتي في إطار المكايدة السياسية، لاسيما فيما يتعلق بالموقف المصري الداعم للموقف الروسي الداعي إلى إخلاء حلب والرافض لحظر الطيران"، معتبرا ما حدث في مجلس الأمن مساء أمس "ذا ارتباط وثيق بهذه التحذيرات المبالغ فيها".
ولفت إلى أن السوابق المشابهة لهذه التحذيرات عادة ما كانت تتلازم مع أحداث حقيقية، مضيفا "من غير المنطقي أن توجه دولة إعلان إخلاء أو تحذيرا أمنيا لمواطنيها إلا أن يكون حقيقيا وذلك حفاظا على مصداقية الرواية الرسمية داخل تلك الدولة وخارجها".
من جهته قال المتحدث باسم حزب "مصر القوية" ممدوح الشايب إن كثرة تحذيرات السفارات الأجنبية لرعاياها في مصر "تأتي لتحسب تلك السفارات من خطاب المؤامرة الذي يتبناه إعلام النظام تجاه دولها، حيث ترى فيه خطاب كراهية وتحريضا على الأجانب يدفع إلى احتمال تعرض رعاياها للأذى".
وأضاف "الأهم هنا التساؤل عن مصادر معلومات هذه السفارات التي دفعتها لتوجيه تلك التحذيرات، وتَفاجُؤ أجهزة الأمن بها، وهو الأمر الذي يعطي دلالة على قصور في أدائهم لأدوارهم في هذا السياق، وكأن المصريين لا يستحقون مثل هذ التحذير".
ويرى الشايب أن "الحل الوحيد والمدخل الجاد للتعامل مع هذه الأزمات التي تستدعي مثل هذه التحذيرات، هو حلحلة الوضع السياسي أولا قبل أي شيء".