رفض لعسكرة بلديات بالشرق الليبي

هشام عبد الحميد-طرابلس
ففي 19 يونيو/حزيران الماضي عين صالح رئيس الأركان التابع لجيش البرلمان عبد الرازق الناظوري حاكما عسكريا في المنطقة الممتدة من درنة شرقا حتى بن جواد غربا، وتشهد بعض مناطقها عمليات قتالية مثل بنغازي ودرنة إضافة إلى اشتمالها على الهلال النفطي الذي سيطرت عليه قوات حفتر منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
وبدوره، أصدر الحاكم العسكري الناظوري قرارات أقال بموجبها عمداء بلديات في الشرق الليبي، وعين عسكريين خلفا لهم، مثل بلدية بنغازي وشحات والكفرة والأبيار وسلوق والسدرة وأجدابيا. وهو ما رفضه المبعوث الأممي مارتن كوبلر ورئيس مجلس حكومة الوفاق الوطني في اجتماع بلديات من غرب البلاد وجنوبها في العاصمة طرابلس في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويرى المحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير أن إقدام الحاكم العسكري المعين من مجلس النواب في طبرق عبد الرازق الناظوري على تعيين عمداء بلديات عسكريين هو محاولة لإعادة نظام معمر القذافي العسكري الذي حكم البلاد أكثر من أربعين عاما، وانقلاب على المسار الديمقراطي الوليد في ليبيا.

وشرح الكبير في حديث للجزيرة نت أنه كان يمكن لشبه المؤسسة العسكرية التي تحكم شرق ليبيا أن تتعاون مع عمداء البلديات المنتخبين لفرض الأمن كونهم يمثلون سلطة تنفيذ لأوامر الدولة لا أن تنقلب عليهم.
واستبعد المحلل السياسي الليبي انتقال ظاهرة عسكرة البلديات في شرق البلاد إلى غربها وجنوبها، معللا ذلك بأن الظهير القبلي ساند وبقوة المؤسسة العسكرية التابعة لخليفة حفتر واصطف وراءها، بينما في غرب ليبيا وجنوبها لا توجد مثل هذه التكتلات القبلية القادرة على فرض حالة سياسية بعينها.
تقويض الاتفاق
من جانبها، قالت عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا آمنة امطير إن تعيين حكام عسكريين في شرق ليبيا بقرارات مخالف للقوانين الليبية المعمول بها ويقوض تنفيذ الاتفاق السياسي الذي ارتضاه قطاع عريض من الليبيين، وهو الأمر الذي سيدخل البلاد في نفق عسكرة الدولة المرفوض بعد ثورة فبراير/شباط 2011.
وأضافت امطير في تصريح للجزيرة نت أن قرار تعيين عبد الرازق الناظوري حاكما عسكريا لا يستند إلى قاعدة قانونية لصدوره بشكل فردي من رئيس البرلمان، مما يجعل قرارات تعيين الحكام العسكريين للبلديات ليس لها حجة قانونية أمام أي محكمة ليبية.

وذكرت عضو المجلس الأعلى للدولة أن مثل هذه القرارات غير القانونية تمنح مزيدا من الحجج للأطراف الرافضة للاتفاق السياسي في غرب البلاد، مما يساهم في مزيد من تشرذم الواقع السياسي الليبي، وينعكس على الخدمات اليومية للمواطنين.
أولويات
بدوره، قلل عضو مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق عبد المنعم بالكور من تأثير عسكرة البلديات على مسار الاتفاق السياسي، معتبرا أن هناك أولويات أهم من ذلك، كتشكيل حكومة توافقية تنال ثقة البرلمان، ووضع المؤسسة العسكرية الذي يمثل إحدى إشكاليات تطبيق وتنفيذ اتفاق الصخيرات.
إلا أن بالكور أقر في تصريح للجزيرة نت بأن تعيين حكام عسكريين للبلديات محل المنتخبين ليس له غطاء قانوني، إلا في حالة أحكام الطوارئ أو فرض الأحكام العرفية التي تحتاج لإعلانها نصابا محددا من أعضاء مجلس النواب.
واعتبر بالكور أن بعض البلديات في شرق ليبيا هي التي طالب عمداؤها المنتخبون من الحاكم العسكري بتعيين بديل عسكري لهم، بسبب عدم سيطرتهم وقدرتهم على تسيير الحياة اليومية في بلدياتهم المحلية.