الجيش الحر: استعادة دابق ضربة موجعة لتنظيم الدولة

تمكن الجيش السوري الحر التابع للمعارضة المسلحة -في إطار المرحلة الثالثة من عملية درع الفرات– من إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من معظم أجزاء ريف حلب الشمالي, بعد سيطرته على مساحة تتجاوز ثلاثين كيلومترا مربعا, تتضمن قرى إستراتيجية هامة منها صوران واحتيملات, وأيضا قرية دابق ذات الأهمية المعنوية والقيمة العقائدية الكبيرة بالأثر الديني الإسلامي, والتي شكلت حجر الزاوية في دعاية التنظيم لتثبيت سيطرته في ريف حلب وجذب المزيد من المقاتلين إلى صفوفه.
التقدم الأخير لذلك الجيش المدعوم من تركيا -والذي تخلله إسناد جوي من مقاتلات التحالف الدولي– نقل المعارك الدائرة في إطار عملية درع الفرات من مراحل تعمل على إيجاد نقاط ارتكاز كالسيطرة على مدينة جرابلس وبلدة الراعي, إلى مرحلة التوغل جنوبا بعمق الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة.
خسارة موجعة
وحول هذا التقدم والسيطرة على دابق، يقول محمد الغابي قائد جيش التحرير (أحد أبرز فصائل الجيش السوري الحر) في تصريح للجزيرة نت "تعتبر السيطرة على قرية دابق خسارة إستراتيجية للتنظيم من الناحية العسكرية، فموقع دابق يتوسط الريف الحلبي الشمالي، وكان أحد أهم معاقل داعش (تنظيم الدولة) بالمنطقة". وأضاف أن خسارة التنظيم لدابق تعني "إنهاء أحد أهم عوامل جذب المقاتلين السذج".
وأشار الغابي إلى أن التنظيم روج لدابق على أنها "دولة الخلافة في آخر الزمان" وأنها ستشهد المعركة الكبرى بين "أهل الحق وأهل الباطل" مستغلا تشكيل التحالف الدولي لقتال تنظيم الدولة، وبدأ باستقطاب المقاتلين على هذا الأساس.
وختم قائد جيش التحرير بأن تقدم الجيش الحر له أبعاد إستراتيجية ومعنوية، وأن تثبيت سيطرته على ريف حلب الشمالي يعتبر قطيعة مع مرحلة طويلة من معارك استنزاف وكرّ وفرّ مع التنظيم، مؤكدا أن خسارة التنظيم الأخيرة في ريف حلب "موجعة".
وكان تنظيم الدولة استبق هجوم الجيش السوري الحر على دابق بنشر مقال في إحدى الصحف التابعة له قلل فيه من أهمية البلدة, واعتبر أن المعركة الكبرى لم يأت أوانها بعد.
منطقة آمنة
ومع تمدد الجيش السوري الحر في شمال سوريا بين مدينتي جرابلس وإعزاز, وجنوبا باتجاه مدينة الباب, فإنه ولأول مرة يسيطر على مساحات واسعة يغيب عنها القصف الجوي الذي تتعرض له كافة المناطق التي يسيطر عليها في مناطق أخرى من سوريا, وهو ما شجع مئات العائلات للعودة الفورية إلى بيوتهم.
الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غل قال للجزيرة نت إن أنقرة بدأت عملية درع الفرات بعد أن ضمنت عدم معارضة روسيا لها, باعتبار الأخيرة الآن "القوة العسكرية الوحيدة داخل سوريا، فلا قيمة الآن للجيش الإيراني أو مليشياته أو جيش النظام السوري دون القرار الروسي, ولذا فإن نجاح المنطقة الآمنة ممكن ولو بحكم الواقع".
وفي معرض تأكيده على عزم تركيا وحلفائها على تثبيت المكاسب الميدانية التي تتحقق في إطار عملية درع الفرات، قال الكاتب "إن عملية درع الفرات مصيرية بالنسبة لتركيا, فهي تحمي من خلالها حدودها وأمنها القومي, من داعش (تنظيم الدولة) وحزب العمال الكردستاني, وتقدم الدعم للشعب السوري لحماية مدنه وقراه وأرضه من هذه التنظيمات التي تنخرط في مشاريع استعمارية لتقسيم سوريا, ومن حق الشعب السوري مقاومتها".
ومع تقدم الجيش السوري الحر في هذه المنطقة من ريف حلب الشمالي، فإن المعارك تتجه على ما يبدو إلى أبواب مدينة الباب أبرز معاقل تنظيم الدولة في ريف حلب الشرقي, لتضع بالتالي الجيش السوري الحر وجها لوجه مع وحدات الحماية الكردية وقوات النظام السوري, وفي تلك المرحلة تبدأ فعليا الاختبارات الجدية لشكل التحالفات والتوازنات في شمال سوريا.