منتدى علمي بالدوحة يناقش التنشئة اللغوية للطفل

سعيد دهري-الدوحة
انطلقت بالعاصمة القطرية الدوحة اليوم الأربعاء أشغال المنتدى الثاني للنهوض باللغة العربية، الذي تنظمه المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، ويتناول موضوع "التنشئة اللغوية للطفل العربي.. الواقع وآفاق المستقبل".
ودعت رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الشيخة موزا بنت ناصر إلى استنهاض الإرادات وتشخيص واقع اللغة العربية، في ظل تراجع الاهتمام الأسري بها، وضعف مناهج تدريسها وانحسارها في وسائل الإعلام، مشددة على أن الارتهان إلى هذا الواقع سيجعل الأطفال يعيشون غربة العربية واغتراب الوجود الحضاري ويخسرون حصن الهوية اللغوي.
وقالت الشيخة موزا -في كلمتها الافتتاحية- إن الإخفاق في احتواء المستجدات، والاستخدام السلبي لتقنيات التواصل نتج عنهما الإضرار باللغة العربية كثيرا، وإصابة الشباب العربي برطانة لغوية إلكترونية، معبرة عن أسفها لأن تكون عربية الأطفال قبل عدة عقود أفضل من لغتهم العربية في الوقت الحاضر.
وأكدت أنه لم يتم استثمار التقدم العلمي الهائل في مجالات التعليم والمعلوماتية والاتصالات والإعلام في تنمية التنشئة اللغوية، مما حدا بالأطفال إلى استخدام لغات أخرى حتى في مخاطبة أولياء أمورهم.

من جانبه، أبرز رئيس مجلس أمناء المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية عبد العزيز بن عبد الله السبيعي أهمية تأسيس هذه المنظمة في ظل وجود مجامع لغوية ومراكز متعددة تتكاتف جهودها في مواجهة الأزمة التي تحدق بالعربية، مشيرا إلى أن تأمل أحوال لغة الضاد يفضي إلى استخلاص عدم إحراز أي تقدم فعال في التصدي لتراجع انتشار العربية وتطويرها.
مرصد للعربية
وفي محور الجلسات المخصصة لأثر اللغات الأجنبية في تعلم اللغة العربية، أوضح الباحث عز الدين البوشيخي في ورقته الموسومة بـ"التعليم الأولي للطفل.. بلغة أم بلغات" أن الأحادية اللغوية تتراجع بقوة لصالح التعددية اللغوية، حيث أصبح التمكين لهذه الأخيرة هدفا منشودا في دول الاتحاد الأوروبي، توضع من أجل بلوغه خطط واستراتيجيات وترصد له ميزانيات مقدرة.
وتساءل البوشيخي عن الكلفة التي يدفعها الطفل العربي مقابل الاختيارات اللغوية التي تتبناها الدول العربية، متناولا بالتحليل البيئات التربوية المرتبطة بهذه القضية، للوصول إلى فرضية مدعومة نظريا وتجريبيا، استنادا إلى نتائج الأبحاث المحرزة في اللسانيات النظرية والتطبيقية ذات العلاقة.
واعتبر الباحث اللساني -في تصريح للجزيرة نت- أن للغة الأم دورا حيويا في التعلم، لكون العلاقة الوجدانية التي يقيمها الطفل مع أمه تقوم بدور كبير لا يمكن أن تقوم به لغة أجنبية أخرى، مؤكدا على أهمية الدعوة إلى تعزيز تعلم اللغات الأجنبية في سن مبكرة، لقدرة الطفل في هذه المرحلة على استيعاب أكبر.

وفي ورقة بعنوان "تعزيز اكتساب اللغة العربية من خلال تعلم اللغة الأجنبية في مرحلة الطفولة"، أشارت الباحثة سمية شاكري إلى أن التراجع الفكري في ظل العولمة وتطور تكنولوجيا المعلومات وهيمنة الإنجليزية على المعاملات التجارية الدولية، ساهم في الانفتاح على لغات أخرى منذ مراحل مبكرة، وبالتالي تراجُع تعلم اللغة العربية وضعف الإقبال عليها.
في السياق ذاته، تحدث الباحث وليد العناتي عن أثر تعليم اللغة الأجنبية في تعليم العربية وتعلمها في مرحلة الطفولة، منطلقا من مقاربتين اثنتين، الأولى لسانية نفسية تروم دراسة اكتساب اللغة الأم والاستعداد البيولوجي الفطري له، انطلاقا من نظرية نعوم تشومسكي التوليدية، والثانية لسانية اجتماعية تتفحص الشروط الاجتماعية لاكتساب اللغة الأم وما يصطدم بها من عوامل خاصة مسألة الثنائية اللغوية.
وفي تصريح للجزيرة نت، طالب رئيس المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية بشير العبيدي بضرورة إنشاء إطار مرجعي لخدمة اللغة العربية، على غرار الإطار المرجعي الأوروبي لتعليم اللغات الأجنبية، والاستفادة من وجود قانون لحماية لغة الأقليات والجهات، ولا سيما أن اللهجات العربية تحتل المركز الثاني في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا.
يشار إلى أنه ينظم على هامش جلسات المنتدى ورش تقنية وفنية عن تنمية المهارات اللغوية والتقنيات الحديثة والكتابة الإبداعية عند الأطفال، إضافة إلى معرض تشارك فيه تسع مؤسسات تعنى بإعلام وثقافة الطفل.