المشهد السياسي التركي أمام خيارات أزمة

Supporters of the Justice and Development Party (AKP) wave flags and shout slogans as the party's leader and Turkish Prime Minister delivers a speech from the balcony of the Justice and Development Party headquarters, after the legislative elections in Ankara on June 7, 2015. Turkey's Islamic-rooted ruling party lost its parliamentary majority in the June 7 legislative elections, dealing a severe blow to strongman President Recep Tayyip Erdogan's ambition to expand his powers. AFP PHOTO/ADEM ALTAN
فرحة أنصار حزب العدالة والتنمية منقوصة لعدم تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا (الفرنسية)

وسيمة بن صالح-أنقرة

تباينت آراء محللين سياسيين ومواطنين أتراك تجاه أسباب النتائج المفاجئة للانتخابات التشريعية في تركيا والتي جرت أمس الأحد، لكنهم أجمعوا على أن الصوت الكردي كان الحاسم في تغيّر موازين القوى على الساحة السياسية في البلاد.

وقالوا إن مصير الحكم في البلاد رهن سيناريوهات مختلفة، وحتى لو طبق أحدها فلن ينقذ البلاد من المرور بفترة عدم استقرار سياسي واقتصادي صعبة في الأيام المقبلة.

ولن يتمكن حزب العدالة والتنمية بعد حصوله على 41% من الأصوات من تشكيل حكومة بمفرده، مما يضعه أمام خيارات تشكيل حكومة أقلية أو ائتلافية أو الذهاب لانتخابات مبكرة.

 
وكان حزب الشعوب الديمقراطي مفاجأة الانتخابات بعد فوزه بنسبة 13%، ليتمكن الأكراد ولأول مرة في تاريخهم من الوصول للبرلمان التركي عبر حزب معبر عنهم.

وعرفت أصوات حزب العدالة والتنمية انخفاضا ملحوظا خاصة في المناطق ذات الأغلبية الكردية تتصدرها مدينتا ديار بكر وفان.

‪مواد دعائية لزعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديميرطاش بعد النتائج المتقدمة التي حققها‬ مواد دعائية لزعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديميرطاش بعد النتائج المتقدمة التي حققها (الأوروبية)
‪مواد دعائية لزعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديميرطاش بعد النتائج المتقدمة التي حققها‬ مواد دعائية لزعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديميرطاش بعد النتائج المتقدمة التي حققها (الأوروبية)

الداخل والخارج
سليم سيزر الناشط المعارض للحزب الحاكم اعتبر أن الحزب خسر شعبيته في صفوف الشعب التركي نتيجة سلسلة من الأخطاء المكررة في التشبث بأسلوب التكبر ومحاولة التغطية على أخطائه مثل تهم الفساد والرشوة "مما جعل الشعب يعلن عصيانه في صناديق الاقتراع".

وأضاف سيزر متحدثا للجزيرة نت أن الهجوم الذي استهدف تجمعا للأكراد قبل يومين من الانتخابات في مدينة ديار بكر ومقتل العديد منهم جعلهم يحنقون على الحكومة، خاصة مع "مماطلتها في تقديم خطوات ملموسة فيما يخص عملية السلام".

وأشار إلى أن المعارضة لن تسمح بانتخابات مبكرة، لأنها -باعتقاده- تراها خطرا سيجعل أصوات الحزب الحاكم تزيد خاصة أن الأزمة التي باتت تركيا على أبوابها "ستجعل المواطنين يحسون بخطر فقدانهم مستوى الرفاه الذي يعيشونه".

من جهة أخرى وجه عزيز فاتن المؤيد للحزب الحاكم الاتهامات لأطراف خارجية بالسعي لوقف تقدم الحكومة التركية ذات التوجه الإسلامي.

وأفاد للجزيرة نت بأن داعمي تلك القوى داخل تركيا طبقوا مقولة "عدو عدوي صديقي" ليوقعوا بالحزب الحاكم، حيث أشار إلى أن معظم مؤيدي الأحزاب اليسارية المعارضة في تركيا صوتوا لصالح حزب الشعوب الديمقراطي.

واستبعد فاتن أن يموت مشروع النظام الرئاسي لأن تعمق الأزمات التي يولدها النظام البرلماني الحالي "سيظهر ضرورة تغييره لا محالة". لكنه اشترط عدم التسرع في الأمر والانتظار حتى التمكن من تقديمه بشكل مناسب وفي الوقت المناسب للمواطنين وإقناعهم به. وعبر عن دعمه للتوجه لانتخابات مبكرة لحل الأزمة الحالية.

قادة الحركة القومية من أبرز الخاسرين في الانتخابات الأخيرة (رويترز)
قادة الحركة القومية من أبرز الخاسرين في الانتخابات الأخيرة (رويترز)

خيارات أزمة
وانتقد المحلل السياسي التركي فاروق أكسوي الأكراد وخاصة المحافظين منهم الذين قال إنهم صوتوا لحزب الشعوب الديمقراطي بزعامة الكردي صلاح الدين ديميرطاش، رغم عدم دفاعه عن حقوقهم واستغلاله مشاعرهم القومية فقط.

وقال أكسوي المتعاطف مع الحزب الحاكم للجزيرة نت إن الزعيم الكردي تحاشى استعمال اللغة الكردية في خطاباته والتطرق لاستعمالها لغة رسمية في التعليم الحكومي "رغم أنه المطلب الأساسي للأكراد"، وعزا ذلك إلى سعي ديميرطاش للفوز بأصوات المدن الغربية بتركيا التي قدم نفسه فيها على أنه "زعيم حزب تركي يمثل الفئات المظلومة في المجتمع"،.

واعتبر الزعيم اليساري أفق أوراس أن فشل الحكومة التركية وعدم تمكنها من إيقاف حشود تنظيم الدولة الإسلامية في عين العرب (كوباني)، إضافة لعدم تقدم عملية السلام، قلب الأكراد ضد الحكومة.

ورغم ترجيحه تشكيل حكومة ائتلافية بين حزب الحركة القومية المعارض والحزب الحاكم، فإنه استبعد في حديثه للجزيرة نت حل الأزمة الحالية بشكل بسيط.

أما الصحفي محمد يوسف فقد أشار للجزيرة نت إلى أن حزب العدالة والتنمية سيخرج قويا من هذه الأزمة التي قال إنها ليست الأولى في مسيرته الحافلة بالعراقيل وأهمها برأيه "تعرضه لخطر الإغلاق خلال عام 2007".

ورجح يوسف أن يتجه الحزب لانتخابات مبكرة أو تشكيل حكومة أقلية لا تمنحه صلاحيات في البرلمان لسن وتشريع القوانين بمفرده.

المصدر : الجزيرة

إعلان