أتراك بلجيكا بين الولاء للدولة والاعتراف بإبادة الأرمن

لبيب فهمي-بروكسل
وفي سياق هذا الجدل المحتدم قررت اللجنة الأخلاقية للحزب الإنساني الديمقراطي (مسيحي ديمقراطي) طرد النائبة من أصل تركي ماحينور أوزدمير، بعد رفضها الاعتراف بحدوث إبادة الأرمن خلافا لمقررات حزبها.
لكن ماحينور أوزدمير رفضت قرار حزبها، وأعلنت أنها لن تتخلى عن مهامها، التي مثلت فيها الحزب حتى الآن نائبة في برلمان مقاطعة بروكسل وعضوة في إحدى بلديات المدينة.
ضد التمييز والكراهية
وأكدت النائبة البلجيكية من أصول تركية في حديث للجزيرة نت أنها ستواصل عملها بكل ثقة في النفس، مضيفة أنها ناضلت دائما ضد التمييز والكراهية.
وقالت إن ما دفعها للعمل السياسي هو "القيم الديمقراطية واحترام الغير والإنسانية وحرية التعبير"، ولذا فإنها ستواصل "عبر هذه القيم نفسها للمساهمة في الحوار والعمل".
أما عن موقفها من الملف الأرمني، فقالت إن "الحكومة البلجيكية نفسها لم تعترف بشكل صريح بالإبادة الجماعية للأرمن"، متسائلة "عن الماضي الاستعماري البلجيكي في الكونغو، أو ما يتعلق بالمجازر التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر".
وعبرت النائبة ماحينور أوزدمير عن استيائها مما وصفته بـ"الضغط الانتقائي" الذي تواجهه، مشددة على إدانتها لجميع المجازر في التاريخ، ومعتبرة أنه يجب بذل جهود "لوقف المآسي التي تحدث أمام أعيننا اليوم، فالوضع الحالي للأقلية المسلمة الروهينغا في بورما (ميانمار)، كغيرها من المآسي في العالم، تواجه صمتا دوليا مطبقا".
وبينما حصلت أوزدمير على دعم عدد من السياسيين أغلبهم من أصول أجنبية، قال رئيس الحزب الاشتراكي بول مانيت في تصريحات صحفية إنه يجد "من غير اللائق الضغط القوي على النواب من أصول أجنبية"، مذكرا بأنهم "سياسيون بلجيكيون، وهم مواطنون بلجيكيون يمثلون جميع المواطنين بغض النظر عن أصولهم".
من جانبها اعتبرت الناشطة فريدة طاهر أن الحزب وجد "ذريعة جيدة لاستبعاد هذه النائبة"، ووصفت -في حديث للجزيرة نت- سلوك الحزب بأنه "نفاق"، مشيرة إلى ما تعرض له الحزب من انتقادات منذ أن قبل تمثيل هذه النائبة المحجبة في برلمان مقاطعة بروكسل.

ثلاثية الولاء
بدوره يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الكاثوليكية في "لوفان" بونوا ريهو أن القضية تعبر عن صعوبة ما وصفها بالولاءات الثلاثية للنائبة أوزدمير، وهي "الجالية التركية بجميع مكوناتها، وللحزب الذي تبناها، وأيضا لحزب العدالة والتنمية التركي لأنها معروفة بقربها منه".
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن النائبة أخذت بعين الاعتبار التأطير القوي للجالية التركية، التي تصوت دائما في الانتخابات لصالح المنتمين لها والقريبين منها.
وأضاف أن الملف يمكن أن يكون نوعا من عودة مسألة الدين إلى الواجهة، فالحزب الديمقراطي الإنساني، الذي كان قد اختار التنوع في صفوفه، يبدو أنه يعود للتشديد على جذوره الأصلية.
لكنه أوضح أن المجتمع البلجيكي لم يجد حتى الآن نموذجا قادرا على التعايش بين جميع مكوناته الدينية وغير الدينية.
وتواجه ماحينور أوزدمير انتقادات منذ انتخابها لأول مرة في عام 2009 لتصبح أول محجبة تفوز في انتخابات بلجيكية، رغم أنها لم تكن معروفة من قبل، وقد حصلت على أعلى نسبة أصوات بين جميع المرشحين، رغم وجودها في المركز الرابع على لائحة الحزب.