تهريب البشر تجارة رائجة بدير الزور

ياسر العيسى- دير الزور
ويقص الشاب قاسم الأحمد للجزيرة نت تفاصيل رحلة تهريبه من دير الزور إلى محافظة الرقة، التي تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة، حيث يبدأ الحوار مع رجل الأمن بالاتفاق على السعر المطلوب، "إذا كنت مطلوبا للنظام ترتفع تكاليف الرحلة إلى نحو مليون ليرة سورية (4600 دولار)، أما غير المطلوبين فتتراوح تكلفة نقلهم بين 50 و25 ألف ليرة فقط".
بعد دفع التكاليف تبدأ عملية التهريب بمرافقة المساعد في الأمن العسكري إلى حاجز الطلائع، الذي يمنع عادة خروج المدنيين إلى منطقة البغيلية، القريبة من الحد الفاصل بين مناطق النظام وتنظيم الدولة، ليتم خلالها التأكد من الهوية بهدف معرفة إن كان الشخص مطلوبا أم لا.
وتابع "بعد ذلك تلقانا جنود النظام المتعاونون مع المساعد، الذين يسيرون معنا على أطراف النهر، ومهتهم كما قالوا هي منع قنصنا من قناصة النظام المنتشرين في المنطقة".
وعلى بعد أمتار من مناطق سيطرة التنظيم، "تُركنا للسير وحدنا، مع تأكيد الجنود أننا في أمان ولن يقوم أحد ما بقنصنا سواء من هذا الطرف أو ذاك، وبعد ذلك يتلقانا صاحب سفينة لينقلنا إلى الجهة الثانية من النهر، التي يوجد فيها عناصر تنظيم الدولة".

حاجز الحوايج
ويؤكد الأحمد الذي وصل إلى منزل أهله النازحين في مدينة الرقة، أن العشرات خرجوا معه في الرحلة الخطرة عبر البر والنهر، وانتهت الرحلة بالوصول إلى أول حاجز لتنظيم الدولة في منطقة "الحوايج".
عند الوصول للحاجز -يتابع الأحمد- يشترط عناصر التنظيم بعد الترحيب بالقادمين في "أرض دولة الإسلام"، أن يسلموا دفتر الخدمة العسكرية أو أي وثائق رسمية تتعلق بهم ليتم تمزيقها فورا.
بدوره أوضح الناشط في حملة "ارفعوا الحصار عن دير الزور" ياسر الجاسم أن سيطرة تنظيم الدولة على نقاط إستراتيجية في دير الزور أدت إلى بروز ظاهرة تهريب البشر من أحياء المدينة الواقعة تحت سيطرة النظام.
واعتبر الجاسم في حديثه للجزيرة نت أن مطالبة التنظيم منذ أسابيع المدنيين بالخروج من تلك المناطق، وتوعدهم بالاقتصاص لمن يخالف هذا الأمر بتهمة "العيش في بلاد الكفر"، دفعهم إلى مغادرة هذه الأحياء.
وقال إن منع النظام المدنيين من المغادرة منذ أشهر إلا عبر طائرة الشحن (اليوشن) إلى دمشق، أدى إلى بروز ظاهرة الرشاوى بشكل كبير بهدف الحصول على الموافقة الأمنية المطلوبة للسفر، إلا أنه منذ بدء الحملة العسكرية التي يشنها تنظيم الدولة توقفت تلك الرحلات، فكان السبيل الوحيد هو اتباع طرق التهريب.

التسعيرة
وأكد أن "التسعيرة" المعروفة للتهريب "قد تصل إلى مليون ليرة إذا كان الشخص مطلوبا للنظام فقط، ويتم إيصاله إلى مناطق تنظيم الدولة، و150 ألف ليرة إذا كان مطلوبا للتنظيم ويتم إيصاله إلى الحدود التركية، أما غير المطلوبين فيدفعون 50 ألفا"، مشيرا إلى أن المهربين هم عناصر الفروع الأمنية أو وكلاء لهم.
وعلل إعلامي مقرب من النظام -طلب عدم ذكر اسمه- عمليات التهريب بأن كثيرا من المدنيين وبعد أشهر من الحصار أصبحوا في وضع معيشي سيئ جراء تدهور الخدمات بشكل كبير، وأصبح "الكثير منهم يحتاج للعلاج خارج المحافظة".
وتابع في حديثه للجزيرة نت أنه اتبع نفس طرق التهريب للخروج من حي القصور الواقع تحت سيطرة قوات النظام في دير الزور باتجاه الأراضي التركية.
ولم ينكر أن ضباط الأمن والعناصر من أصحاب النفوذ في فرع الأمن العسكري خاصة يشرفون على عمليات التهريب هذه، إلا أنه توقع أن يخصص جزء كبير من المال المدفوع للتهريب للمدنيين المتعاونين معهم، والقاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة على الحدود الفاصلة بين الجانبين، خاصة أصحاب السفن.