أطباء الأردن مصدومون لمقتل زميل لهم
الجزيرة نت-عمّان
وكان شخص قد أقدم أمس الأحد على طعن طبيب (جرّاح أطفال) يدعى محمد أبو ريشة (أب لخمسة أطفال)، أمام منزله بمنطقة شفا بدران غربي العاصمة.
وقالت نقابة الأطباء إن الجريمة نجمت عن مشادة مع الطبيب افتعلها القاتل الذي رفض انتظار دوره لتلقي العلاج.
نظرة الوداع
وبدا مشهد تجمع عشرات الأطباء من زملاء أبو ريشة وأفراد عائلته أمام قسم الطب الشرعي في مستشفى البشير الحكومي لإلقاء نظرة الوداع على الجثمان، حزينا كئيبا مثقلا بالألم.
واتشح الأطباء المفجوعون بشارات سوداء، حدادا على زميلهم. وقال أحدهم للجزيرة نت إنه "يوم حزين بتاريخ الوطن، وعلى الحكومة أن تتحمّل المسؤولية، فهي لم تقدّم أي حلول". وقال طبيب أخر "نريد تشريعات صارمة لوقف هذه المهزلة وحماية أرواح الكوادر الطبية".
وتصاعد الغضب أثناء تشييع أبو ريشة، إذ أقدم شبان غاضبون على رشق المركز الأمني القريب من مكان الدفن بالحجارة، مما دفع قوات مكافحة الشغب إلى الرد بالغاز المدمع.
وباتت أنباء الاعتداء على الأطباء في الأردن أمرا روتينيا، وصار المشهد أحد مظاهر عنف مجتمعي يضرب في كل مكان بدءا من المجتمعات المحلية وانتهاء بالمدراس والجامعات.
وتشير سجلات نقابة الأطباء الأردنية إلى أن عدد الاعتداءات المسجلة على أطباء الأردن منذ مطلع العام بلغت تسعة، بينما بلغ عددها العام الماضي 29 مقارنة بـ83 اعتداء عام 2013.
وساطات عشائرية
ويعاقب القانون الأردني من يعتدي على الطبيب بالسجن من ثلاث إلى ست سنوات، وغالبا ما يتم إطلاق سراح المعتدي قبل الحكم عليه نتيجة وساطات عشائرية.
وتعزو نقابة الأطباء تكرار الاعتداءات -وبخاصة في المستشفيات والمراكز التابعة لوزارة الصحة- إلى الاكتظاظ الشديد في أقسام المستشفيات، والضغط الكبير على الأطباء، وعدم وجود فصل إداري بين المرضى والمرافقين لهم، إضافة إلى ضعف التشريعات.
وكان الأطباء في المستشفيات الحكومية والخاصة قد توقفوا عن العمل لساعات، ونفذوا وقفات احتجاجية، وهددوا بالتصعيد إذا لم يتم تشديد العقوبات على المعتدين.
ودعت النقابة إلى اجتماع عام للأطباء لاستكمال البحث في الخطوات القادمة الواجب اتخاذها. وقالت في بيان إنها قررت "استكمال الإجراءات القانونية بحق وسائل الإعلام المحرضة ضد الأطباء".
ودعت النقابة إلى "وقف هجرة الكوادر الطبية والاعتداءات على الأطباء في مراكز عملهم، وضمان تقديم أفضل خدمة صحية علاجية للمواطنين، واعتبار مجلس النقابة ولجنة أطباء الوزارة في حالة انعقاد دائم".
القتل والقصاص
واعتبر أمين سر النقابة د. باسم الكسواني، أن "الاعتداء على الأطباء في الأردن بات ظاهرة مقلقة".
وقال للجزيرة نت "المؤكد أننا أمام عمل إجرامي يجب أن لا يمر بسهولة، هناك جريمة قتل وشهيد من الجسم الطبي، ونطالب بسرعة القصاص العادل".
وأضاف، "نطالب بإغلاق المحطات الفضائية التي حرضت على الجسم الطبي، من خلال الحديث عن مزاعم بوجود أخطاء طبية غير حقيقية، ولا يمكن أن يستمر وضع الطبيب الأردني على هذا النحو دون إجراءات سريعة، وعلاج جذري يبدأ بزيادة موازنة وزارة الصحة، وتحسين أوضاع الأطباء، وتحسين بيئة العمل، والأهم من ذلك تشديد العقوبات، ويجب أن يكون للبرلمان دور فاعل".
من جانبه أكد وزير الصحة الأردني، الدكتور علي حياصات، سعي الوزارة على حماية الأطباء والكوادر الطبية الأخرى أثناء العمل.
وقال الوزير للجزيرة نت إن "مقتل الطبيب أبو ريشة يمثل خسارة كبيرة، لكن المؤكد أن المجرم سينال جزاءه". وأضاف "نحن في مجتمع يرفض العنف ضد الأطباء وغيرهم، وليس هنالك شك في أن القانون سيأخذ مجراه".