المصالحة الفلسطينية.. عام من جمود "اتفاق الشاطئ"

عوض الرجوب-الخليل
في 23 أبريل/نيسان 2014، أعلنت حركتا التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) إنهاء الانقسام الذي بدأ أواسط العام 2007. وأكدتا الشروع في جملة خطوات لتفعيل الاتفاق المستند إلى اتفاقات سابقة لإنجاح المصالحة الفلسطينية.
لكن، بعد مضي عام كامل على إنهاء الانقسام، ما زالت ملفات رئيسية تراوح مكانها وتتواصل المناكفات والاتهامات والاعتقالات السياسية، فيما ألقى الانقسام بظلاله على ملفات أحرز التقدم فيها، خاصة حكومة التوافق الوطني، التي يقول محللون إنها لم تعكس مسماها على الأرض ولم تنفذ الدور المنوط بها.
واتفقت الحركتان في مخيم الشاطئ بغزة على بدء تشكيل حكومة التوافق الوطني خلال خمسة أسابيع، وهو ما تم في 2 يونيو/حزيران، لكن استئناف عمل لجنة المصالحة المجتمعية ولجانها الفرعية، وتنفيذ ما اتفق عليه بشأن ملف الحريات العامة وتفعيل المجلس التشريعي وإجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة، لم يتم.

إطار عام
ويوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة الدكتور ناجي شراب أن اتفاق الشاطئ يمثل إطارا عاما لا يصلح لتحقيق المصالحة دون توفر البيئة السياسية الكاملة بين حركتي فتح وحماس لتنفيذه في إطار حسن النوايا.
وأوضح أن "المعضلة الأساسية هي أن كل طرف فسر الاتفاق كما يريد ووفق رؤيته للمصالحة، مما أوجد حالة من الجمود انعكست على الحكومة وملف الانتخابات".
وقال إنه كان يفترض في الاتفاق أن يكون تفصيليا لحل المشاكل التي تعترض طريق المصالحة خاصة في المجالات الإدارية والقانونية، وليس اتفاق إطار عام وامتداد لاتفاقات سابقة كثير.
وتابع أن "الاتفاق افتقر لحسن النوايا والبيئة السياسية واتسم بالغموض والفتور وغياب دور ومشاركة الفصائل والشارع الفلسطيني، وانحصر بين حركتي فتح وحماس"، مؤكدا أن نجاحه وعدم نجاحه بات متوقفا على تطور العلاقة بينهما.
أما عن تشكيل الحكومة فقال إنه كان إنجازا "لكن لم تكن حكومة توافق وطني، سواء من حيث التركيبة السياسية أو الوزراء الممثلين لغزة أو تبعيتها السياسية الكاملة للرئاسة وبرنامج الرئيس السياسي، وبالتالي نظرت إليها حماس على أنها لجنة إدارية عليا لتقديم حلول لمشكلة الموظفين ومشكلة المعابر وغيرها".
وخلص المحلل والأكاديمي الفلسطيني إلى أن "الحكومة حكمتها رؤيتان متناقضتان مما يفسر تعثر مهامها وتثبيت وجودها في غزة"، مشددا على أن المصالحة الفعلية تتطلب رؤية فلسطينية وظيفية شاملة كاملة لحل مشكلة دمج الموظفين بمشاركة كل القوى، ورؤية سياسية فيما يتعلق بالانتخابات وتوقيتها ودور منظمة التحرير الفلسطينية والإطار القيادي المؤقت.

أسباب التعثر
من جهته، وفي قراءته لأحداث عام مضى، يقول المحلل السياسي القريب من حوارات المصالحة خليل شاهين، إن "الإنجاز الوحيد هو تشكيل حكومة واحدة كان يفترض أن تكون حكومة توافق وطني، لكنها انتهت إلى حكومة الرئيس محمود عباس، من حيث تشكيلها والتزامها ببرنامجه، خلافا لما اتفق عليه".
وأوضح شاهين للجزيرة نت أن حماس قدمت في حينه تنازلات فيما يتعلق بتشكيل الحكومة وبرنامجها اعتقادا منها أن ذلك قد يكون كافيا من أجل تخفيف الحصار على قطاع غزة، وإشراكها في عملية اتخاذ القرار من خلال منظمة التحرير الفلسطينية عبر تفعيل الإطار القيادي المؤقت، ودعوة التشريعي للاجتماع بعد خمسة أسابيع، لكن ذلك لم يتحقق.
وعزا التعثر في اجتماع الإطار القيادي للمنظمة إلى "اعتقاد الرئيس بأنه استطاع أن يأخذ من حماس بتشكيل حكومة تتبنى برنامجه كل ما يريد"، واعتقاده بأنه أخرج حماس ليس من الحكومة بل من الحكم تحت شعار تمكين حكومة الوفاق، دون أن يقدم في المقابل شيئا لإشراك الحركة في صنع القرار من خلال المنظمة.
وأشار إلى عامل إخفاق آخر هو استناد المصالحة إلى عقلية الإقصاء لدى الطرفين وليس الشراكة السياسية، وغياب مبدأ الشراكة السياسية في النظام السياسي الفلسطيني بدرجاته. وأضاف أنه لم يكن كافيا بالنسبة لحركة فتح إخراج حماس من الحكومة بل كان عليها أن تخرج من الحكم، بعكس رهان حماس التي ترى أنه ليس مطلوبا أن تخرج من الحكم، وهذا ما انعكس على تعامل الحكومة مع الموظفين.
وأشار إلى التعامل بنفس العقلية مع ملف الانتخابات التي لم تحدث، "فالفصائل تنظر إليها باعتبارها محطة حاسمة لفوز طرف وخسارة آخر، وليس كمحطة للشراكة".