إلى أين تتجه الأزمة بين روسيا والغرب؟

أشرف رشيد-موسكو
الأزمة بين روسيا والغرب بدأت تتجاوز الندية والخصومة لتأخذ أبعادا أخرى تنذر بانتقالها إلى مرحلة أكثر خطورة من ذي قبل، فقد أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر تأييده فكرة تشكيل جيش موحد لمواجهة التحديات التي قد تنشأ على حدود الاتحاد الأوروبي وللدفاع عن قيمه.
وجاءت تصريحات يونكر خلال مقابلة صحفية أجريت معه قال فيها إن امتلاك جيش لا يعني استخدامه على الفور وإنما لإعطاء انطباع للروس بأن الأوروبيين جادون في الدفاع عن أنفسهم.
وفي ظل استمرار الأزمة الأوكرانية تأتي تصريحات يونكر لتزيد شحنة الاحتقان في العلاقات بين موسكو والغرب التي تمر بأسوأ مراحلها منذ انتهاء الحرب الباردة.
الخبير في العلاقات الروسية الأوروبية ألكسندر غوسيف قال للجزيرة نت إن الأوروبيين طالما سعوا لاحتواء روسيا، وإن الأحداث في أوكرانيا لم تكن سوى ذريعة تخفي بين طياتها توجها عدوانيا نحو موسكو بعد أن بدأت تستعيد حضورها على الساحة الدولية، حسب تعبيره.
ونظرا لهذا الاعتبار فإنه يجب النظر إلى تشكيل جيش أوروبي والأزمة الأوكرانية كمسألتين منفصلتين، وفق تقديره.
ورأى غوسيف أن التفكير في إنشاء قوة كهذه يعني أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى روسيا كعدو دائم حتى في حال التوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية.
واعتبر أن دعوة يونكير تقوم على زعم كاذب بأن موسكو متورطة في النزاع بأوكرانيا، وهي مقولة لا أساس لها، إذ لا وجود للقوات الروسية على الأراضي الأوكرانية، على حد قوله.

موقف واشنطن
غير أنه أشار إلى أن فكرة تشكيل جيش أوروبي ستواجه معارضة من واشنطن لأن خططها تقتضي الإبقاء على تبعية أوروبا لها من الناحية العسكرية.
واعتبر غوسيف أن هذه التصريحات تأتي في سياق الحرب النفسية. وقال إن مهام الدفاع عن أوروبا ستبقى ملقاة على عاتق حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأضاف أن الغرب بهذه الطريقة يسعى لإرهاق روسيا اقتصاديا ودفعها لزيادة نفقاتها العسكرية، وإدخالها في دورة جديدة من سباق التسلح، إلى جانب تشديد العقوبات.
بيد أن غوسيف يرى أن موسكو لن تقع في الفخ الأوروبي وليس من السهل استدراجها إلى ردود أفعال من هذا النوع.
وقال إن العقوبات نجحت في خلق صعوبات اقتصادية لموسكو إلا أن تأثيراتها تبقى محدودة، لأن روسيا تتمتع باكتفاء ذاتي وموارد ضخمة تساعدها على الصمود، وفق تقديره.
من جانبه، اعتبر الخبير الإستراتيجي بوريس دولغوف أن الدعوة الأوروبية لتشكيل جيش موحد تعني استمرار سياسة الغرب تجاه روسيا.

استنساخ للناتو
غير أنه اعتبر أن تأسيس هذا الجيش مسألة معقدة ستولد الكثير من الإشكاليات، لأنه سيضعف دور حلف "ناتو" بعد تداخل مهمات القوتين.
وقال دولغوف إن الولايات المتحدة ستحرص على المشاركة في الجيش الجديد كقوة أساسية، وبالتالي سيكون مجرد استنساخ لـ"ناتو".
وأبدى استغرابه من الدعوة لتأسيس الجيش في ظل وجود قواعد عسكرية أميركية عديدة بأوروبا، بينها عشر في ألمانيا وحدها.
ولفت دولغوف إلى أن روسيا كررت مرارا للأوروبيين أن الأمن الحقيقي لا يمكن أن يتجزأ، ولا أن يكون لصالح طرف على حساب الآخر، مما يعني ضرورة التعاون بين الجانبين.
ورأى أن الغرب يستفز روسيا بكل الوسائل من خلال زحف "ناتو" نحو حدودها وضم الجمهوريات السوفياتية السابقة له وإجراء مناورات عسكرية وطلعات استطلاعية وإقامة دروع صاروخية، معربا عن اعتقاده أن هذه الممارسات تستدعي أن تكون روسيا هي من يستشعر خطر الغرب وليس العكس.
وأضاف الخبير الإستراتيجي أن روسيا تقوم بكل الأحوال بتعزيز قدراتها الدفاعية، وفي حال تشكل جيش أوروبي فإن ذلك لن يؤثر كثيرا عليها ولن يغير موازين القوى بحيث يدفعها لإحداث تغييرات جذرية داخل مؤسساتها العسكرية.
غير أنه أشار إلى أن روسيا تعمل على تعزيز قدراتها الدفاعية بما يشمل الوحدات البرية والبحرية والجوية إضافة لقوات الدفاع الفضائي.