قراصنة تونسيون يتوعدون بمواصلة مقارعة إسرائيل إلكترونيا

خميس بن بريك-تونس
وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت بيانا الشهر الماضي استعرضت فيه "تفوقها الإلكتروني" عقب نجاحها في اعتقال ستة عناصر متخصصة في قرصنة مواقع حكومية وأجنبية، وأحالتهم إلى القضاء بتهمة الإرهاب وارتكاب جرائم إلكترونية.
وكان للقضاء عند التحقيق الأولي مع المتهمين موقف آخر، فقد أخلى سبيل ثلاثة منهم وأبقى على البقية للتحقيق معهم بشأن دورهم في "غزو" مواقع حكومية تونسية واختراق وتدمير مواقع أجنبية.

مواقع فرنسية
وكانت "الفلاقة" التي استمدّت اسمها من المقاومة التونسية المسلحة زمن الاستعمار الفرنسي، قد تبنت هجمات إلكترونية على مواقع تونسية احتجاجا على اعتقال المدون التونسي ياسين العياري نهاية العام الماضي.
وردا على مقالات اتهم فيها العياري قيادات الجيش بالفساد، أصدر القضاء العسكري مؤخرا حكما بسجنه لمدة عام بتهمة الإساءة للجيش، قبل أن يخفف لستة أشهر تحت وطأة الاحتجاجات.
ولم تتوقف هجمات قراصنة "الفلاقة"، فقد شنوا هجمات على الكثير من المواقع الفرنسية ورفعوا فيها الآذان عقب حادثة صحيفة "شارلي إيبدو"، وذلك ردا على نشرها رسوما مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.
حرب شرسة
وبعد اعتقال بعض عناصرها لا تنوي المجموعة التوقف، بل تتوعد بإطلاق حرب إلكترونية شرسة على المواقع الإسرائيلية، في خطوة تصعيدية تعكس مدى إصرارها على مواصلة "نضالها الإلكتروني".
ويقول أحد قراصنة "الفلاقة" للجزيرة نت إن الهجوم الذي أطلق عليه اسم "غزوة طير أبابيل" برمج ليتم يوم 20 مارس/آذار الجاري، وأنه سيستهدف "آلاف المواقع الإلكترونية الإسرائيلية انتقاما من الكيان الصهيوني".
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت العام الماضي أن مواقعها الحكومية تعرضت لهجمات إلكترونية انطلقت من شمال المغرب العربي، مؤكدة أنها تعرفت على هوية بعض القراصنة وتوعدت بتصفيتهم.
طريق النضال
ورغم الملاحقات الإلكترونية الأمنية، قال أحد قراصنة الفلاقة "إننا لن نركع وسنبقى شوكة في حلق الكيان الصهيوني وأتباعه، وإننا اخترنا طريق النضال للدفاع بشرف عما دافع عنه أجدادنا الأولون".
وأكد عبر موقع "سكايب" أن مجموعته "ليس لها توجه سياسي أو ديني، وأن ما يحركها هو تبنيها للقضية الفلسطينية ورفضها القاطع لجرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني"، واعتبر تهم الداخلية لمجموعته بأنها "ملفقة"، داعيا إلى الإفراج عن زملائه الموقوفين، وقائلا "إنهم لم يرتكبوا أي جرائم خطيرة بحق الدولة التونسية".
ومن وجهة نظر محامي دفاع "الفلاقة" سيف الدين مخلوف، فإن الاتهامات الموجهة للمجموعة بالانتماء إلى جماعات تكفيرية "لا أساس لها من الصحة"، وأن السبب الحقيقي وراء اعتقالهم هو القرصنة.

قدرة وذكاء
وأوضح مخلوف للجزيرة نت أن الموقوفين يحاكمون على أساس الفصل 199 من القانون الجزائي المؤرخ عام 1999، والذي يعاقب بالسجن من شهر إلى خمس سنوات من يخترق أو يدمر بيانات معلوماتية.
وقال إن "الفلاقة" مجموعة من الشبان الصغار المتفوقين في الأنظمة المعلوماتية وليس لديهم انتماءات، وإن اختراقهم لبعض المواقع التونسية كان من قبيل الاحتجاج والتعبير عن رفض بعض المحاكمات.
وأشار مخلوف إلى أن قدرة القراصنة على اختراق النظام الإلكتروني الإسرائيلي تمكنهم من تقديم إضافة إلى بلدهم، وأن "من العار على الدولة أن تزج بشباب موهوبين في السجون دون الاستفادة من قدراتهم وذكائهم".
التماس التخفيف
ويقول وزير حقوق الإنسان التونسي السابق والقيادي في حركة النهضة سمير ديلو للجزيرة نت إن قراصنة "الفلاقة" لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالإرهاب.
وأضاف ديلو "يجب أن لا ننسى أن هؤلاء القراصنة من الشبان العباقرة في المجال الافتراضي، وحتى لو كانوا تحت طائلة القانون فيجب التماس كل الظروف للتخفيف عنهم".
وتابع "حتى لو كانت هناك بعض التجاوزات في الإبحار بالمجال الافتراضي فلا ينبغي أن تكون هناك عقوبات سالبة للحرية".
ولم يتسنّ الحصول على حديث رسمي من وزارة الداخلية.