"أراضي الدولة".. سيف مسلط على رقاب الفلسطينيين

عوض الرجوب-رام الله
وحسب مزارعين وناشطين فلسطينيين، فإن محكمة إسرائيلية ردت مؤخرا اعتراض عائلات من بلدة بيت أولا غربي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية على أوامر عسكرية تمنعهم من التصرف بنحو خمسمائة دونم من أراضيهم المحاذية للجدار العازل (الدونم يساوي ألف متر مربع)، بحجة أنها مصادرة بأوامر عسكرية منذ عام 1983.
ويلقي أصحاب الأراضي باللوم على السلطة الفلسطينية لعدم توفير مقومات الصمود لهم، كما يلومون الفصائل والقوى السياسية لما يرونه تقصيرا إزاء الأراضي المصادرة وتلك المهددة بالمصادرة ومساعدة المواطنين على البقاء.

الدعم الرسمي
ويمتلك المزارع الفلسطيني فريد عبد اللطيف 17 دونما من الأراضي يقول إنه ورثها، وقام باستصلاحها وزراعتها بأشجار الزيتون، وفجأة أبلغ بقرار مصادرتها ليتحطم حلمه في جني الثمار خلال أعوام قليلة.
وأوضح أنه تلقى قبل أشهر إخطارا من جيش الاحتلال بأن أرضه أصبحت ملكا للدولة، وأن عليه عدم إحداث أي تغييرات فيها، مما اضطره للاعتراض لدى المحاكم الإسرائيلية عن طريق محاميه، لكنه خسر القضية رغم توفر الوثائق التي تؤكد ملكيته للأرض، بما فيها وثائق طابو عثمانية، وهي "أقوى وثيقة معتمدة في تسجيل الأراضي".
ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أن غياب الدعم الرسمي وتضامن الناس والمؤسسات يساعدان الاحتلال على المضي في مصادرة الأراضي، في وقت لا يملك فيه أصحابها الإمكانات المادية للتوجه لمحاكم الاحتلال أو الاستمرار في إصلاح الأراضي كلما تم تخريبها.

ملف المصادرة
بدوره، يشعر المواطن طالب جنيد -صاحب مناحل- بأن مصادرة الأراضي تضر بشرائح المجتمع كافة وليس بملاكها فحسب، موضحا أن المزارعين ومربي النحل والمتنزهين سيحرمون من الوصول إلى المناطق المصادرة ذات الطبيعة الخلابة.
من جهتها، تؤكد هيئة شؤون الجدار -وهي هيئة رسمية فلسطينية- تلقيها مؤخرا ملف الأراضي المصادرة من عدد من أصحابها، موضحة أنها أحالتها إلى محاميها لدراسة القضايا وتحديد الخطوات التالية.
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد كشفت خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي عن خطة إسرائيلية لتوسيع المستوطنات على حساب 35 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، موضحة أن الخطة تقضي بتحويل أراض تعتبرها حكومة الاحتلال "أراضي دولة" لتوسيع المستوطنات.

مليون دونم
وأشارت إلى أن إسرائيل كانت قد استولت على نحو مليون دونم من أراضي الضفة، وحولتها إلى معسكرات تدريب لجيشها، وبعد اتفاقية أوسلو 1993 تم نقل المعسكرات إلى النقب، لكن السيطرة على الأراضي ومنع أصحابها الفلسطينيين من دخولها استمرا لأن إسرائيل أعلنت أنها "أراضي دولة" ثم خصصت نحو 99% منها للمستوطنين.
ويحتفظ منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلدة بيت أولا عيسى العملة بمجموعة وثائق تتعلق بقرارات مصادرة واعتراضات عليها، لكن أحدها قرار المحكمة الإسرائيلية رد اعتراض السكان على مصادرة أراضيهم.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن القرار يفيد بمصادرة تلك الأراضي منذ عام 1983 دون إخطار الأهالي أو علمهم به، لكنه قال إن مالكي الأراضي من عائلات "العدم والعملة والسراحين" في المناطق المستهدفة يتعرضون للملاحقة منذ سنوات طويلة ويمنعون من استصلاح أراضيهم أو رعي أغنامهم.
ويوضح العملة أن تبني المحكمة موقف الجيش جاء بعد إبلاغ أصحاب الأراضي بالإخلاء بحجة استملاكها، ومصادرة قرابة ثلاثة آلاف دونم لصالح الجدار العازل، موضحا أن مساحة القرية تقلصت من 34 ألف دونم عام 1948 إلى نحو 24 ألف دونم حاليا، لا يسمح للفلسطينيين باستغلال معظمها.