غضب حقوقي لسجن معارضات للانقلاب بمصر
استهجان حقوقي كبير قوبل به حكم محكمة مصرية بحبس 14 سيدة رافضة للانقلاب عشر سنوات لكل منهن، في حين رأى البعض أن النظام يواصل كسر خطوط حمراء ظلت محمية طيلة عقود مضت.
"بأي حق يحكم على زوجة أخي بالسجن عشر سنوات، وتُنتزع من بين أطفالها القصر، وهي لم ترتكب أي جرم. رفعنا شكوانا لله من هذا الظلم". بهذه الكلمات علّقت أم محمد على اعتقال زوجة أخيها نجاة بيومي بعد صدور حكم بسجنها و13 سيدة أخرى عشر سنوات لخرقهن قانون التظاهر.
أم محمد التي أشارت في حديثها للجزيرة نت إلى أنها كانت مضطرة لترك منزلها وأبنائها للمكوث مع أبناء أخيها المطارد بعد اعتقال زوجته، وتساءلت بأسف عن مستقبل الأبناء الأربعة إذا تم تأييد هذا الحكم؟
وتابعت: "زوجة أخي تعمل معلمة للأجيال والجميع يشهد لها بالخلق الحسن والمعاملة الطيبة، وهي مستأمنة على أبناء غيرها، فكيف ينظر إليها كمجرمة ويحكم عليها بالسجن عشر سنوات، بينما المجرمون الحقيقيون يعبثون في عقول الشباب والفتيات".
وحُكم على نجاة بيومي و13 سيدة الأحد الماضي بالسجن مدة عشر سنوات لكل منهن بتهم "خرق قانون التظاهر وقطع طريق بمحافظة الدقهلية (دلتا النيل)، واستخدام الألعاب النارية لإرهاب المواطنين"، وذلك في أحدث حلقة من سلسلة الأحكام بحق رافضات الانقلاب.
وتتعلق القضية بأحداث وقعت أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، إذ تم اعتقال السيدات عقب تنفيذهن سلسلة بشرية لرفض الانقلاب، قبل أن يتم الإفراج عنهن في وقت لاحق لتجمهر أهاليهن أمام مركز الشرطة وتهديدهم باقتحامه، ثم يتفاجأ بعدها الأهالي بتحرير محضر ضد السيدات بالتهم سالفة الذكر.
معايير غائبة
المتحدث باسم التنسيقية المصرية للحقوق والحريات علاء عبد المنصف رأى أن ما صدر من أحكام "قاسية بحق 14 سيدة، لم تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة، وهو دليل جديد يُثبت بما لا يدع مجالا للشك من أن المنظومة القضائية -مُتمثلة في دوائر الإرهاب- مُشاركة بشكل كامل مع السلطة التنفيذية في انتهاك حقوق المصريين السياسية".
وتابع في حديثه للجزيرة نت "السلطات لم تكن متوقفة عن مثل هذا التعامل في القضايا المنظورة أمامها، بل لم تكن الفرصة مُتاحة، وعندما حانت هذه الفرصة انقضت لتستغلها، رغم أن الجميع يعلم مكانة المرأة في المجتمع المصري، وهو ما يعني شرخا مجتمعيا جديدا قد يصعب تداركه في المستقبل القريب".
ولفت إلى أن هناك درجة أخرى للتقاضي أمام محكمة النقض، مضيفا "أؤكد بمعلوماتي القانونية أن هذا الحكم سيُنقض أمام محكمة النقض".
ورأى أن هدف النظام من هذا الحكم هو إيصال رسالة ضمن رسائله المتتالية التي يُرسلها لمعارضيه للضغط عليهم بأبشع أنواع الانتهاكات للتوقف عن حقهم الأصيل في المعارضة.
وأدانت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" الحقوقية -في بيان لها- ما أسمته "توقيفا تعسفيا" بحق سيدات معارضات وإصدار حكم قضائي بسجن 14 منهن، مطالبة "بتشكيل لجان من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لمراقبة مدى قانونية هذه الاجراءات"، كما دعت السلطات المصرية إلى إيقاف تلك الأحكام.
أخطاء مكررة
من جهته، أوضح مسؤول الملف المصري بمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان أحمد مفرح أن "هذه القضية ليست الأولى التي يصدر فيها حكم بهذه القسوة على فتيات وسيدات، فقد سبقها على سبيل المثال لا الحصر قضية فتيات "٧ الصبح" الشهيرة"، مضيفا "يبدو أن السلطات الأمنية في مصر لا تتعلم من أخطائها وإنما تزيد من قمعها واستبدادها".
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن الحكم "سيتم استئنافه، خاصة أن المتهمات تم الحكم عليهن غيابيا، وبالنسبة إلينا كحقوقيين فالأمر يتطلب وقفة بوجه قانون التظاهر القمعي ووحشية الأجهزة الأمنية في تعاملها مع الحق في التظاهر".
ورأى مفرح في هذا الحكم "رسالة يوجهها النظام إلى المجتمع الدولي الحقوقي بأنه متمسك بحزمة القوانين القمعية، حتى ولو على حساب الخطوط الحمراء للمجتمع المصري".