العطش يحاصر الخرطوم عاصمة النيلين

عماد عبد الهادي-الخرطوم
في ما وصفت بالمفارقة الغريبة، تعاني عدة أحياء في العاصمة السودانية المثلثة -المكونة من الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان- من أزمة مياه حادة تعكس واقعا غريبا في عاصمة يقسمها النيل أطول أنهار العالم.
وتشهد أحياء مختلفة في العاصمة السودانية فترات انقطاع شبه كاملة لمياه الشرب، مما دفع بكثير من التساؤلات وحالات الاستنكار إلى حيز الوجود.
ولم ينفع تذمر أو احتجاج عدة أحياء سكنية في إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، رغم ما ظلت تقطعه مؤسسات مسؤولة من وعود بإيجاد حل نهائي للمشكلة.
وفي ظل المبررات الرسمية المتوالية، قاد انقطاع المياه عن بعض الأحياء في العاصمة إلى ارتفاع سعر برميل المياه إلى نحو مئة جنيه سوداني (16 دولارا أميركيا).

احتجاجات
وكانت الخرطوم قد شهدت خلال يوليو/تموز الماضي أزمة حادة في إمدادات المياه، دفعت مواطنين في أحياء متفرقة لتنظيم احتجاجات ومظاهرات طالبت بإقالة بعض المسؤولين الذين يعتقد أنهم المتسببون في المشكلة، فلجأ والي الخرطوم عبد الرحيم محمد حسين إلى إقالة مدير عام هيئة مياه الولاية ونائبه، في محاولة لوضع حد لما أسماه بالمشكلة المتراكمة.
ووفق المجلس الأعلى للتخطيط الإستراتيجي في الولاية -والذي اكتفى ببيان توضيحي لخطته المستقبلية- فإنه توجد فجوة في إنتاج المياه تقدر بنحو 156 مليون متر مكعب.
وأبدت حياة الأمين -وهي ربة منزل- عدم تفاؤلها بالحل بعد ارتفاع عدد الأحياء المتأثرة، مشيرة إلى أن حكومة الولاية وعدت في السابق بمعالجة انقطاع المياه دون أن يحدث أي تغيير يذكر.
وقالت للجزيرة نت إن الجميع ظل يدفع مستحقات هيئة المياه دون توقف، "ورغم ذلك نقتطع من مصروفات أسرنا لنشتري يوميا المياه من العربات".
بدوره، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك نور الدين شلقامي أن أزمة مياه الشرب تحاصر مواطني العاصمة لفترات طويلة دون حل، مطالبا بمحاسبة من وصفهم بالمقصرين.
وقال للجزيرة نت إن هيئة مياه الخرطوم لم تبرر سبب الانقطاع في الأحياء السكنية، ولم تعلن حتى جدولة لفترات القطع كي يتحسب لها المواطن، داعيا إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لمعالجة المشكلة.

مطالبات
أما الخبير في مجال التخطيط الإستراتيجي عمر جعيد، فاستبعد معالجة المشكلة في الوقت القريب على الأقل، "لأن تغيير واقع الإنتاج اليومي للمرافق يحتاج إلى اعتمادات مالية وخطط تستمر فترة طويلة".
وبرر الأزمة الحالية بعدم كفاية الإنتاج اليومي من المياه لتلبية الحاجات المتزايدة للمواطنين في الأحياء القديمة، فضلا عن التوسعات العمرانية والخطط السكنية الجديدة.
وطالب -في حديثه للجزيرة نت- الجهات المعنية بربط التوسعات السكنية والصناعية في العاصمة بتوسعات موازية في المياه والمرافق الخدمية الأخرى.
وكانت حكومة ولاية الخرطوم أعلنت بداية تنفيذ خطتين، إحداهما قصيرة الأجل تنتهي في أبريل/نيسان القادم، والأخرى طويلة وتنتهي خلال عامين، لإيجاد معالجة جذرية لمشكلات المياه، بينما لم تفلح عشر محطات لإنتاج المياه من النيل ونحو 1800 من الآبار الجوفية في حل المشكلة حتى الآن.