زياد أبو هليل.. مسن فلسطيني يتمنى الشهادة
عوض الرجوب-الخليل
في كثير من المواجهات مع الاحتلال، خاصة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، يبرز مسن فلسطيني يرتدي ثوبا أبيض وعباءة بنية فاتحة، يشارك الشبان مقارعة الاحتلال ويحاول منع جنوده من إطلاق النار وقنابل الغاز.
إنه الشيخ أو المختار زياد أبو هليل (المسالمة)، من بلدة دورا غرب الخليل، والذي جعل من جسده أمس الأول حاجزا بين جنود الاحتلال والشبان الفلسطينيين في منطقة باب الزاوية عقب تشييع جنازة الشهيد محمد الجعبري.
هذه ليست المرة الأولى التي يُعرّض فيها أبو هليل نفسه للخطر أو "الواجب" كما يفضل أن يسميه، فقد أكد أنه تعرض للإصابة 136 مرة في مناسبات مختلفة بالرصاص المطاطي والغاز المدمع، فضلا عن الاعتداء بالضرب رغم تقدم سنه، وذلك خلال مشاركات في فعاليات بأنحاء الضفة والقدس والداخل الفلسطيني.
وقبل عام وثقت وسائل الإعلام مشاركة أبو هليل بدور لا يقل خطورة، حيث تجاوز راشقي الحجارة واتجه صوب الجنود متجاهلا الرصاص الذي يطلق نحوهم، وحاملا مجسما لصاروخ فلسطيني، وذلك خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف العام الماضي.
إصابات واعتقالات
يُعرّف الشيخ أو المختار عن نفسه بأنه ابن المرحوم موسى أبو هليل، وهو شخصية عشائرية مناضلة معروفة قارعت الاحتلال وشاركت في معركة القسطل مع عبد القادر الحسيني لاستردادها من العصابات الصهيونية عام 1948، مشيرا إلى أن سبعة من أبنائه وبناته -البالغ عددهم 15- اعتقلوا في سجون الاحتلال.
خلافا لدور المختار المرتبط بالنظام القائم أو المتمسك بالحياد والاقتصار على الشؤون العشائرية على الأقل، يصف أبو هليل نفسه بأنه "شخصية وطنية مستقلة من واجبها المقاومة والوقوف في وجه المحتل".
ويؤمن أبو هليل بأنه لا يواجه جنود الاحتلال بصدره العاري فحسب، وإنما بإرادة قوية تمكنه من الدفاع عن حقوق الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة ممن تنتهك حقوقهم من جيش مدجج بمختلف أنواع الأسلحة.
وينفي الشيخ أن يكون مغامرا أو باحثا عن الشهرة، ويؤكد أنه أمام مشاهد كحرق عائلة الدوابشة في نابلس والطفل محمد خضير في القدس، وإعدام الفتاة هديل الهشلمون قبل أسبوع في الخليل، وهدم البيوت والاعتداءات على الأقصى وغيرها، "لا يملك الإنسان إلا محاولة منع الاحتلال من قتل المزيد من المدنيين الأبرياء".
إرادة صلبة
وعن أبرز الأخطار التي واجهها في مشاركاته في التصدي للاحتلال، يقول إنه شارك في فعاليات شعبية بالضفة والقدس والداخل الفلسطيني، وفي كل ذلك كان يجد نفسه عرضة للاعتداء بالرصاص المطاطي أو الغاز المدمع أو الضرب والشتم، لكنه كان يشعر بإرادة تفوق ما لدى الجنود من إمكانيات وعتاد.
وعن حديثه دائما مع الجنود باللغة العبرية يقول إنه تعلم لغة العدو ليأمَن شره، وذلك من خلال الاحتكاك والتجارة في وقت سابق، مضيفا أنه يتحدث أيضا الإنجليزية والروسية رغم توقفه في الدراسة عند الثانوية العامة.
ويشير المسن الفلسطيني إلى أن حماسه واقتناعه يزداد في كل مواجهة مع الاحتلال، ويضيف "أنه ليس ذاهبا إلى فندق أو منتجع، بل إلى عدو يفتقد الرحمة، ولذلك فهو يتمنى دائما أن يتوفاه الله شهيدا".
ولا يرى الشيخ أبو هليل نفسه بعيدا عن الوضع الفلسطيني الداخلي إذ هو عضو في لجنة الحريات، حيث يعتبر الانقسام جرحا فلسطينيا نازفا، ويأمل أن يتوحد الفلسطينيون جميعا "تحت سلاح واحد لمقارعة عدو واحد" وتحرير القدس والصلاة في المسجد الأقصى.