الجنائية الدولية تؤرق إسرائيل
محمد محسن وتد-القدس المحتلة
وتسعى تل أبيب إلى الالتفاف على القضاء الدولي واستباق أي تطورات بالمحكمة الجنائية من خلال قيام المدعي العسكري الإسرائيلي بفتح العشرات من ملفات التحقيق مع جنود وضباط بشبهة ارتكاب مخالفات جنائية خلال الاعتداءات العسكرية على قطاع غزة.
واستبعد حقوقيون إمكانية التحصين القضائي للجيش الإسرائيلي وعناصره وحتى القيادات السياسية الإسرائيلية أمام المحافل الدولية، فيما تعالت في إسرائيل الأصوات المطالبة بمنع التحقيقات الجنائية مع الجنود والضباط وتوفير الحماية لهم.
وأطلقت منظمة "محاربون من أجل المقاتلين" عريضة وقعها المئات من الضباط وجنود الاحتياط الإسرائيلي طالبت المدعي العسكري بعدم التحقيق الداخلي مع الجنود الذين شاركوا في "الجرف الصامد" وتوفير الحماية القضائية لهم أمام المحافل الدولية.
وأرفقت العريضة برسالة إلى قائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بيني غانتس طالبته بالتدخل لمنع النيابة العسكرية من فتح تحقيقات جنائية مع جنود شاركوا في الحرب على غزة، معتبرين اتخاذ خطوات جنائية ضد الجنود "من شأنه أن يسهم في تراجع المعنويات القتالية وتآكل قوة الرد للجيش وإضعاف مكانة إسرائيل في المجتمع الدولي".
انتقادات وتشكيك
أما الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي يهودا شاؤول -الناشط بمنظمة كسر الصمت التي توثق انتهاكات جيش الاحتلال والمستوطنين ضد الفلسطينيين- فوجه انتقادات شديدة اللهجة للمواثيق الدولية "التي شرعنت الاحتلال الذي بات يحمل صفة قانونية بموجب القضاء الدولي حتى وإن تم اعتباره غير أخلاقي وغير إنساني".
وشكك شاؤول في جدوى تحقيقات الجيش الإسرائيلي وإعلان المدعي العسكري فتح ملفات ضد عشرات الجنود بشبهة ارتكاب مخالفات جنائية خلال الحرب على غزة، وتساءل "كيف يمكن للنيابة العسكرية أن تفحص ذاتها؟ إنه لأمر سخيف أن يشرع الجيش في إخضاع جنوده للتحقيق والمساءلة حيال أوامر عسكرية طالبهم بتنفيذها والانصياع لها فهذه الإجراءات غير كافية، والمشكلة لا تلخص بفرد مجند بل بالسياسة العامة والممارسات الشاملة للجيش بالمناطق الفلسطينية المحتلة".
ولا يعول شاؤول كثيرا على المسار القضائي الدولي "خاصة أنه يندرج في سياق إجراء فحص لمعلومات قد تشكل أساسا للشروع بالتحقيق لاحتمال ارتكاب جرائم حرب، وقد يكون ذلك رهينة للدبلوماسية والتدخلات السياسية للدول العظمى في ظل المعارضة التي تبديها إسرائيل وتحفظ الإدارة الأميركية على هذا التوجه".
الحصانة
من جانبه، يرى رئيس إدارة مركز "عدالة" الحقوقي حسين أبو حسين أن إسرائيل لا يمكنها توفير الحصانة للجنود والضباط والقيادات السياسية ومنع مثولهم أمام القضاء الدولي، ووصف الدعوات المطالبة بتوفير الحماية للجيش بـ"الهراء".
وقال "إن تحريض القيادات الإسرائيلية على الجنائية الدولية والتصريحات بالسعي لتفكيكها يعكسان حالة التخبط والإرباك والهواجس التي تعيشها تل أبيب".
ولفت إلى أن قرار المدعي العسكري الإسرائيلي فتح 99 ملفا للتحقيق بمخالفات جنائية ارتكبها بعض الجنود خلال العدوان على غزة "ما هو إلا ذر الرماد في العيون ومحاولة من تل أبيب للتحايل على القضاء الدولي وإظهار وكأنها تجري تحقيقات داخلية تغني عن مداولات الجنائية الدولية".