الحكم العسكري فشل بمحو هوية فلسطينيي الداخل
أكدت دراسة مشتركة لباحثين فلسطينيين أن الحكم العسكري الإسرائيلي المفروض على فلسطينيي الداخل خلال الفترة من 1948 إلى 1966 ترك آثارا سلبية على هويتهم الوطنية لكنه فشل في محوها ولم يحقق كذلك هدفه الأخطر، وهو تقصير مدة بقائهم في وطنهم.
وتلقي الدراسة -التي حملت عنوان "الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل في ظل الحكم العسكري وإرثه"، وصدرت هذا الأسبوع عن المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية- الضوء على محاولات كسر شوكة الفلسطينيين والتأثير في انتمائهم، مستعرضة ممارسات وقوانين قاسية للتضييق عليهم بهدف ترحيلهم أو على الأقل السيطرة على ما بقي من أراض بحوزتهم.
ورأت الدراسة -التي أشرف على تحريرها المؤرخ والباحث مصطفى كبها- أن الحكم العسكري فشل في تدجين فلسطينيي الداخل ومحو هويتهم بفضل قدرتهم على البقاء والتشبث بروح الانتماء رغم نجاحه في فرض قيود ومحاولات لتهميش الوجود العربي.
فوضى التنظيم
وتربط الدراسة بين قسوة الحكم العسكري المفروض على فلسطينيي الداخل وبين ما تسميها حالة الانكماش وفوضى التنظيم التي أصابتهم في السنوات الأولى بعد النكبة وقيام إسرائيل.
ويقول الباحثان أسعد غانم ومهند مصطفى إن محاولات التنظيم السياسي منذ ما قبل النكبة قوبلت بقمع شديد كما تجلى في ملاحقة حركة الأرض.
ويؤكد مصطفى للجزيرة نت أنه رغم ذلك شهدت أراضي 48 في هذه الفترة حراكا سياسيا وطنيا، مشيرا للحركة الطلابية العربية بالجامعات الإسرائيلية كنموذج فريد في التنظيم والعمل السياسي المناهض للحكم العسكري.
كما كان للفن القصصي دور مهم في بناء الذاكرة الجماعية للأجيال الشابة وساهم في إبراز انتهاكات الحكم العسكري، كما يؤكد محمود غنايم في مقاله.
ويتناول مصطفى كبها من جهته دور الصحافة الناطقة بالعربية في التعبير عن روح تلك الفترة والسعي للحفاظ على الصلات والوشائج مع الشعب الفلسطيني والأمة العربية، مقابل الصحف السلطوية التي وظفتها إسرائيل لتدجين الفلسطينيين.
وتطرح الدراسة أيضا المحاولات الإسرائيلية لتوظيف جهاز التعليم لتكريس سياساتها لمحو وعي الفلسطينيين وتشويش الهوية الفلسطينية بحسب إسماعيل أبو سعد.
وردا على سؤال للجزيرة نت يوضح مصطفى كبها أن إسرائيل أوقفت الحكم العسكري لسببين أساسيين، أولهما كون ذلك وصمة عار في جبين ما تصفها بممارستها الديمقراطية، وثانيهما ضغط المعارضة الداخلية من اليسار واليمين التي رأت أن حزب مباي الحاكم استغل هذا النظام للاستحواذ على أصوات المواطنين العرب مقابل مساومتهم، إضافة لعوامل أخرى أهمها انشغال إسرائيل باستقبال سيل مهاجرين جدد واستيعابهم.