استقالة "ساعر" تعمق جراح حكومة نتنياهو
محمد محسن وتد-القدس المحتلة
وعكست استقالة ساعر -التي تأتي في ظل استفحال أزمة موازنة إسرائيل لعام 2015 واحتدام الخلافات الفكرية والسياسية بين أقطاب مركّبات الائتلاف الحكومي- التباين في المواقف بين نتنياهو والوزير ساعر، الذي أبدى تشددا خلال العدوان على غزة، ودعا الجيش إلى احتلال القطاع وإسقاط حكم حماس.
وقد هيمنت خطوة ساعر على الصحف الإسرائيلية التي وصفتها بالزلزال السياسي. وأجمع محللون وباحثون على أن قرار الوزير التنحي واعتزاله السياسة مؤقتا مع الإبقاء على نشاطه داخل حزب الليكود الحاكم فاقم الصراع المحتدم على رئاسة الليكود، الآخذ بالتراجع مع وفقدان مكانته بوصفه تيارا رئيسيا في اليمين الإسرائيلي.
صراعات وتحالفات
ويؤكد الباحث المتخصص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن استقالة ساعر هزة سياسية على المستويين الحكومي والحزبي، وستؤدي إلى جعل الليكود الحزب الثاني بعد فض تحالفه مع حزب "إسرائيل بيتنا".
كما تأتي الاستقالة في إطار احتدام الصراع بين كبار قيادات الليكود ونتنياهو على قضايا تنظيمية وشخصية، إذ يرى ساعر في نفسه خليفة لنتنياهو في زعامة الحزب ولربما رئاسة الحكومة المقبلة.
ورجح الباحث شلحت أن يكون ساعر المحسوب على معسكر اليمين المتطرف قد استقال لترتيب أوراقه وخوض منافسة مع نتنياهو مدفوعا بقضايا سياسية جوهرية طفت على السطح خلال العدوان العسكري على غزة، حيث بدا أكثر تشددا من نتنياهو، فهو يتحفظ على حل الدولتين وعلى أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين.
ويتوقع شلحت أن يواصل نتنياهو المراوغة لصيانة حكومته بإجراء تعديلات فيها، بينما يستمر في مواجهة تحديات وأزمات داخل الليكود كانت قد اندلعت قبل ساعات من بدء العدوان على غزة، وأعقبت فض الشراكة مع حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة وزير الخارجية إفيغدور ليبرمان.
بيد أن المحلل استبعد في حديثه للجزيرة نت أن تنهي الحكومة الحالية ولايتها في الموعد المفترض بعد ثلاث سنوات، ويعتقد أن من السابق لأوانه حتى في حال إجراء انتخابات مبكرة نعي نتنياهو سياسيا كزعيم لليكود أو لمعسكر اليمين، بل يرجح أن يكون الأوفر حظا في تشكيل الحكومة المقبلة.
إسقاط الحكومة
وفي معسكر اليسار الإسرائيلي، يرى السكرتير العام لحركة "السلام الآن" يريف أوفنهايمر أنه على الرغم من تحديات وأزمات الحكومة الإسرائيلية وأبرزها السجال المتواصل على خلفية الموازنة والأزمات الداخلية في حزب الليكود وتنحي شخصيات قيادية، فإن نتنياهو سينجح في تخطي العقبات الداخلية بحزبه وتجاوز إشكالية الائتلاف.
وأوضح أوفنهايمر في حديثه للجزيرة نت أن الأغلبية الساحقة من الأحزاب المشاركة في حكومة نتنياهو، وحتى أحزاب كتلة المعارضة، غير معنية حاليا بإسقاط الحكومة وتقديم موعد الانتخابات باستثناء حزب "البيت اليهودي" الذي يتزعمه الوزير نفتالي بينت.
ويعتقد أن حزب "هتنوعا" الذي تتزعمه الوزيرة تسيبي لفني ويعتبر صمام الأمان للائتلاف الحالي، هو القادر على إسقاط الحكومة وتقديم موعد الانتخابات، وذلك إذا انسحب من الشراكة مع نتنياهو إذا ما واصل الأخير التهرب من وضع مسار المفاوضات مع الفلسطينيين على الأجندة السياسية وامتناعه عن خوض مفاوضات للتسوية لإنهاء الصراع.