كابوس "لمّ الشمل" ينغص حياة المقدسيين
أسيل جندي-القدس المحتلة
لا تقتصر معاناة المقدسيين اليومية على تهويد العملية التعليمية وهدم المنازل والتهجير، بل تتعدى ذلك إلى محاولة ابتزازهم عبر انتهاك خصوصيتهم والتدخل في تفاصيل حياتهم الشخصية فيما يتعلق بقضية لمّ الشمل.
ويخص طلب لمّ الشمل الذي يقدمه الأزواج لوزارة الداخلية الإسرائيلية، أولئك الذين يحمل أحدهما هوية مقدسية والآخر هوية الضفة الغربية أو غيرها، والقانون الأساسي المتعلق بالطلب هو عدم السماح لأي مقدسي يقل عمر زوجته عن 25 عاما وتحمل هوية الضفة الغربية بالتقدم بطلب لمّ الشمل، كما تمنع كل زوجة مقدسية يقل عمر زوجها حامل هوية الضفة الغربية عن 35 عاما من التقدم بالطلب.
تقول المقدسية ف.ن للجزيرة نت إنها متزوجة منذ عام 1984 وزوجها يحمل هوية الضفة الغربية، وبدأت معاناتها مع وزارة الداخلية الإسرائيلية منذ 13 عاما حيث تقدمت بطلب لم الشمل لزوجها، إلا أنه رُفض في البداية وبعد الاستئناف تم قبول الطلب، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم وزوجها يحصل على تصريح إقامة مؤقت بالقدس بعد قرار تجميد طلبات لمّ الشمل الذي أصدرته وزارة الداخلية عام 2000.
معاناة طويلة
وأضافت "اليوم الذي نتجه فيه لوزارة الداخلية من أجل تجديد الإقامة هو من أقسى أيام السنة وأكثرها معاناة، تبدأ بالاتصال بالوزارة لتحديد الموعد وتجميع الإثباتات والأوراق المطلوبة لتتوج بالانتظار على بوابات الوزارة والتفتيش الدقيق ليتم في النهاية تجديد الإقامة لسنة إضافية وليس منح زوجي هوية".
أما المواطن ش.ت المتزوج منذ عام 2000، فقدمت زوجته المقدسية طلب لم شمل له ثلاث مرات في وزارة الداخلية الإسرائيلية كان آخرها الشهر الماضي، ولم يأت رد حتى الآن على أي من الطلبات، ولا تقتصر معاناته على لم الشمل فقط، وإنما تمتد لعدم منحه تصريحا لدخول القدس حيث مُنع من الوقوف بجانب طفله الذي أجرى عملية جراحية في أحد مستشفيات القدس الأسبوع الماضي.
وفي ظل التعقيدات والإجراءات التعجيزية التي تطلبها إسرائيل فيما يخص قضية لم الشمل، فضلت المقدسية س.ج المتزوجة في الضفة الغربية الاستغناء عن خوض هذه المعركة ومنح أطفالها هوية الضفة الغربية، في حين فقدت هي كافة حقوقها بوصفها مواطنة مقدسية من تأمين صحي وغيرها وأصبحت هويتها شكلية فقط تمر بها عبر الحواجز العسكرية من وإلى القدس.
انتهاك الخصوصية
وبشأن موضوع لم الشمل، قال المحامي المختص بشؤون وزارة الداخلية الإسرائيلية معين عودة -الذي يعمل في قضايا لمّ الشمل- إن المشكلة الأساسية في هذه القضية هي تجديد قرار "تجميد طلبات لم الشمل" سنويا، وهو ما يحدث منذ العام 2000 بعد ادعاء الداخلية الإسرائيلية أن جزءا ممن حصلوا على لم الشمل شاركوا في عمليات تخريبية ضد دولة إسرائيل.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن طلب لم الشمل مفصل جدا ويطلب تفاصيل دقيقة عن حياة الزوجين، فعقد الزواج بالنسبة لهم غير كاف ومقنع، بل امتد الأمر لطلب كشف بالمكالمات الهاتفية بين الزوجين وقائمة بالمراسلات الإلكترونية بينهما، إلا أن هذا البند أزيل مؤخرا بعد الضجة التي أثيرت بسببه، حيث اعتبرها الأزواج انتهاكا صارخا لخصوصيتهم.
ونجح الاحتلال نوعا ما في ضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني، حيث أصبح من النادر ارتباط شخصين يحملان هويات مختلفة، ويفضل المقدسيون تزويج أبنائهم وبناتهم ممن يحملون هوية مماثلة حتى يزيحوا عن أنفسهم عبء التورط بقضايا لم الشمل، وملاحقة وزارة الداخلية والتأمين الوطني لهم ومراقبتهم في تفاصيل حياتهم الدقيقة.
ووفقا للبيانات التي قدمتها وزارة الداخلية الإسرائيلية فإنها أسقطت حق المواطنة عن 14 ألفا و309 فلسطينيين من القدس الشرقية بين عامي 1967 و2013. كما ألغت تصاريح إقامة ربع مليون فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزه بين عامي 1967 و2011 كانوا حصلوا على التصاريح بعد الموافقة على طلب لم الشمل الخاص بهم.
ووفقا لبيانات الداخلية أيضا فإن عام 2013 شهد سحب إسرائيل تصاريح إقامة في القدس الشرقية من 106 فلسطينيين، من بينهم 50 امرأة و 24 قاصرا، في حين منحتها لـ35 فلسطينيا من القدس الشرقية.