صحفيو اليمن يرفضون التحريض الطائفي بحقهم
عبده عايش-صنعاء
وتداعى عشرات الصحفيين إلى مقر نقابتهم بالعاصمة صنعاء لمناقشة مخاطر دعوات التحريض على العاملين في مجال الصحافة والإعلام -وخاصة مراسلي القنوات والمواقع الخارجية- في وقت سادت فيه حالة الفرز الطائفي والمذهبي بوسائل الإعلام.
وأكد المشاركون في وقفة شهدتها النقابة الاثنين الماضي أن التحريض على العنف ضد الصحفيين تمارسه جماعات مسلحة تخوض حربا لإسقاط الحكومة وإنهاء مشروع الدولة المدنية.
دعاة حرب
وتحت شعار "إعلاميون من أجل الحياة"، أعرب الصحفيون عن رفضهم للحرب وسفك الدماء، وأشاروا إلى أن طبول الحرب التي تدقها جماعة الحوثيين المسلحة وحصارها للعاصمة صنعاء تبعث مخاوف وقلقا في أوساط المواطنين.
وناقش المشاركون في الوقفة الاحتجاجية بنقابة الصحفيين خطاب بعض وسائل الإعلام المحلية الذي يتسم بالتحريض، وخصوا بالذكر قناة جماعة الحوثي ووسائل إعلام مرتبطة بها، تذكي حالة الصراع في البلاد.
ولفت بعضهم إلى وسائل إعلام تناهض الحوثيين تبدو منساقة بقوة وراء حملة التحريض على الجماعة المسلحة، وتخوض معها حربا إعلامية، في وقت اعتبر فيه آخرون أن وسائل إعلام الدولة والحكومة تقوم أيضا بأعمال التحريض وإثارة الفتنة، بحسب قولهم.
وقال الأمين العام لنقابة الصحفيين مروان دماج إن هناك قنوات تلفزيونية تمارس التحريض على الصحفيين علنا، وهناك مواقع إلكترونية تنشر وتبث أخبارا كاذبة وتحريضية بطريقة فجة، في وقت يقوم نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي بشن حملات اتهام وتهديد ضد الصحفيين بالأسماء.
من جانبه قال نقيب الصحفيين الأسبق عبد الباري طاهر "إننا نحارب دعاة الحرب من كافة الأطراف الذين باتوا اليوم متحدين على الانتقام من الصحفيين والإعلاميين بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية".
ورأى طاهر أن لنقابة الصحفيين دورا مهما في الدفاع عن مشروع الدولة المدنية، وفي الدفاع عن حق الحياة لكل اليمنيين، وفي الحفاظ على المهنية والموضوعية، ومن واجبها فضح وكشف الجماعات والأفراد ووسائلهم الإعلامية التي تحرض على العنف.
فرز طائفي
ومن جهته روى مدير مكتب قناة العربية في صنعاء حمود منصر بعضا من تجربته خلال عشرين سنة من العمل الصحفي، وأكد أن الإعلام كان جزءا أساسيا من المعركة في حرب صيف 1994، لكنه كان بعيدا عن إثارة الطائفية والمذهبية بالطريقة الحاصلة اليوم.
وكشف منصر عن تلقيه مئات الرسائل على هاتفه المحمول من أفراد ونشطاء من أتباع جماعة الحوثيين المسلحة تكيل له الشتائم والتهديدات بأنه "داعشي"، وهي الكلمة التي بات الحوثيون يطلقونها على من يخالفهم أو لا يقف في خندقهم.
وقال منصرّ "ليس لنا دخل فيما حصل بين علي ومعاوية قبل 1400 عام"، في إشارة إلى رفع الحوثيين أوهاما تاريخية تقول بأحقيتهم في الحكم، وأشار إلى أن هناك اليوم جماعات أيديولوجية مذهبية صارت مفعمة بنزعة إقصاء الآخر ما لم يقف في خندق واحد مع دعاة الحروب والفتنة في البلاد.
تجربة مريرة
وروى محمد الأحمدي الصحفي والمنسق القانوني لمؤسسة الكرامة الحقوقية ومقرها جنيف في سويسرا، تجربة عاشها مع الحوثيين أثناء زيارة له مع نشطاء حقوقيين إلى صعدة في عام 2011، هدفها الاطلاع على حالة حقوق الإنسان في منطقة دماج بعد حصارها من مسلحي الحوثي.
وأكد الأحمدي في حديث للجزيرة نت أن "صعدة واقعة تحت قمع مسلح من جماعة الحوثيين التي تقوم بانتهاكات جسيمة بحق الصحفيين والإعلاميين والسكان المدنيين داخل المحافظة التي باتت تسيطر عليها كليا منذ العام 2011".
وقال الأحمدي "تعرضنا للاحتجاز والاستجواب على أيدي المسلحين الحوثيين، وأجبرونا على توقيع تعهدات بعدم نشر أي صور تظهر آثار الحصار على أهالي دماج، الذين شنت عليهم حرب طائفية نهاية 2013، وأجبروا على الجلاء من مناطقهم بطريقة تحدث لأول مرة في اليمن".
وأشار إلى أن "عددا من المسلحين الحوثيين كانوا يحيطون بنا، وأحدهم يقوم بتصويرنا بكاميرا فيديو أثناء خضوعنا للاستجواب من قبلهم، وكان وضعنا النفسي في غاية الصعوبة، فالاستجواب يجري معنا والسلاح بأيديهم، وقد شعرت وكأني أعيش خارج العصر".