دمار واسع بقطاع المياه والصرف الصحي بغزة
أيمن الجرجاوي-غزة
العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة تجاوز استهداف أرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم لتخريب قطاعات خدماتية تؤثر في حياتهم بشكل مباشر، ويحتاج إرجاعها للوضعية التي كانت عليها إلى سنوات عديدة.
قطاع المياه والصرف الصحي كان له نصيب كبير من الاستهداف الإسرائيلي، إذ تضررت خلال العدوان 26 بئر مياه، وست محطات تحلية، و75 كيلومترا من الشبكات.
كما تضرر من العدوان 16 خزان مياه محطة صرف صحي، ومحطات لتجميع المياه العادمة بحسب بيانات رسمية. وأدى استهداف الطائرات الإسرائيلية قطاع الصرف الصحي إلى انهيار منظومة معالجة المياه العادمة.
ودفع هذا الوضع البلديات لضخ كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي إلى البحر، لكن بعضها تسرب إلى الأراضي الزراعية والمياه الجوفية كما يؤكد مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل في قطاع غزة منذر شبلاق.
وتنتج بلديات القطاع 140 ألف متر مكعب يوميا من المياه، وتستقبل 120 ألف متر مكعب من المياه العادمة تضخ منها بشكل يومي ثمانين ألف متر مكعب من المياه غير المعالجة أو المعالجة جزئيا إلى بحر غزة، بحسب شبلاق.
قصف وتضرر
وتوجد في القطاع أربع محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، وهي شبه متوقفة عن العمل بسبب الاستهداف الإسرائيلي وأزمة الكهرباء الخانقة التي يعيشها القطاع بعد قصف محطة التوليد الوحيدة خلال العدوان.
وأدى استهداف خطوط نقل المياه العادمة في بعض المناطق شمال القطاع وجنوبه لاختلاطها بمياه الشرب.
ويقول شبلاق للجزيرة نت إن إسرائيل رفضت حينها السماح لطواقم البلديات بإصلاحها رغم تدخل الصليب الأحمر الدولي للوساطة في الأمر.
وكانت مصلحة مياه بلديات الساحل أعلنت في مؤتمر صحفي عقدته أثناء العدوان عدم مقدرتها على أداء مهامها لخدمات المياه والصرف الصحي لتعذر وصول طواقمها إلى كل الفلسطينيين بعد استهداف عدد منهم، محذرة من كارثة بيئية وصحية.
وقالت المصلحة إن شبكات المياه أصبحت تضخ مياها غير صالحة للشرب لبيوت نحو 1.8 مليون فلسطيني بعد نفاد مادة الكلور المعقمة.
ويؤكد مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل في قطاع غزة أن إسرائيل حاولت شل حركة مقدمي الخدمات خلال العدوان، واستهدفت بعض العاملين في القطاع بشكل مباشر، مما أدى لاستشهاد ثمانية منهم.
وبلغت الخسائر الإجمالية للاستهداف الإسرائيلي لقطاعي الصرف الصحي والمياه 34 مليون دولار، بزيادة كبيرة عن الخسائر التي لحقت بهما خلال عدواني 2009 و2012 حيث بلغت في كل مرة نحو ستة ملايين دولار كما يبين شبلاق.
تعهدات دولية
ويوضح شبلاق أن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والحكومات الألمانية والهولندية والفرنسية التزموا بتوفير 25 مليون دولار لإصلاح ما دمره الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير.
وحصلت مصلحة مياه بلديات الساحل على تمويل دولي لثلاثة مشاريع لمحطات معالجة الصرف الصحي، وأعطت إسرائيل المؤسسات المانحة موافقة على البدء بإنشائها، لكن شبلاق قال إن إغلاق معابر القطاع يعيق إدخال المعدات اللازمة.
ويلفت إلى أن الحروب التي يتعرض لها القطاع تعيد وضع البنية التحية سنوات إلى الوراء، مما يعيق إقامة المشاريع الجديدة.
ويؤكد شبلاق تلقي مصلحة المياه وعودا دولية بإعطاء قطاعي المياه والصرف الصحي أولوية عند البدء بإعادة إعمار القطاع.
وأدى ضخ كميات هائلة من المياه العادمة غير المعالجة لتلوث مساحات واسعة من شاطئ البحر، إضافة إلى تضرر الأراضي الزراعية والمياه الجوفية المحيطة بأحواض الصرف الصحي ومحطات المعالجة، مما تسبب بظهور بعض المضاعفات على صحة الإنسان والحيوان عدا عن الأخطار البيئية.
ويشير مدير دائرة الصحة البيئية بوزارة الصحة فؤاد الجماصي إلى تسبب المياه العادمة المتدفقة إلى البحر بمشاكل صحية نتجت عنها أمراض بالجهاز الهضمي والجلد والعيون، وأثرت سلبا في قدرة الأراضي الزراعية على الإنتاج.
ويلفت للجزيرة نت إلى أن الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المذكورة نتيجة لعبهم على الشاطئ الملوث ببيض الديدان التي تكاثرت في المياه العادمة المتدفقة إلى البحر.
ويؤكد الطبيب الجماصي أن معظم شواطئ غزة غير صالحة للاستجمام حاليا نتيجة تدفق مياه الصرف الصحي إلى البحر.