اختبار صعب لواشنطن في حربها على الدولة الإسلامية
فالعراقيون الذين التقوا كيري قد يتساءلون عما إذا كان رئيسه باراك أوباما يملك الطاقة والجرأة للإقدام على ما ينتظره في بلد أمضى أغلب السنوات الست الأولى التي قضاها في منصبه وهو يحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان.
ويسلط الضوء على هذا التحدي استطلاع للرأي أجرته رويترز يوم الجمعة، حيث أظهر أن الأميركيين يؤيدون حملة الضربات الجوية التي وافق عليها أوباما على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لكنهم لا يؤيدون أن تطول هذه الحملة.
وتلوح في الأفق عدة اختبارات مهمة للتحالف الوليد الذي تتبناه الحكومة الأميركية من أجل إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية وإلحاق الهزيمة به، بعد أن استولى على ثلث مساحة العراق وسوريا، وأعلن الحرب على الغرب وذبح صحفيين أميركيين وموظف إغاثة بريطاني.
التزام أوباما
ومن الممكن أن يستغرق القضاء على التنظيم لتحقيق الاستقرار في العراق، وبناء قواته المسلحة، وإنشاء قوة من المعارضة يدعمها الغرب في سوريا سنوات، في ما يعد اختبارا لمدى التزام أوباما ومن يخلفه عام 2017 بهذه المهمة.
وفي بغداد وعمان وجدة وأنقرة والقاهرة وباريس وضع كيري في الأسبوع الأخير خططا لتحالف من القوى الإقليمية والخارجية تقوده الولايات المتحدة.
ومهمة هذا التحالف هي ضرب مقاتلي الدولة الإسلامية وتجفيف منابع تمويل التنظيم والقضاء على الملاذ الآمن الذي يحتمي به في سوريا وتعطيل قدراته على تجنيد المقاتلين ومحاولة التصدي للفكر المتطرف.
ويصر كيري -الذي سيرفع تقريره عن الرحلة لأوباما والكونجرس هذا الأسبوع- على أن العملية هذه المرة تختلف عن العمليات الأميركية السابقة في المنطقة.
فقد قال للصحفيين في باريس يوم الاثنين "هذه ليست حرب الخليج عام 1991، وأضاف "كما أنها ليست حرب العراق عام 2003، فنحن لا نبني تحالفا عسكريا من أجل غزو، بل نبني تحالفا عسكريا بكل القطع الأخرى من أجل إحداث تحول، بالإضافة إلى القضاء على داعش نفسها".
وأضاف أن مناقشات عدة جرت مع وزراء الخارجية حول كيفية هزيمة الدولة الإسلامية داخل سوريا، ولم يخض في التفاصيل، لكنه شدد على أن الأمر لا يقف عند الضربات الجوية فقط.
وكثيرا ما يصف كيري ومستشاروه الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية بأنها شاملة متكاملة.
تحديد الملامح
وتحددت ملامح هذا النهج في بيان من ست فقرات صدر في 11 سبتمبر/أيلول الجاري، ووقعت عليه عشر دول عربية هي مصر والعراق والأردن ولبنان ودول الخليج الست.
ووافقت الدول العربية على ثماني مهام رئيسية تتمثل في وقف تدفق المقاتلين الأجانب، ومكافحة تمويل الدولة الإسلامية، والتصدي للفكر المتطرف، وضمان عدم إفلات المتهمين من العقوبة، وتقديم المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار المناطق التي تضررت من وجود التنظيم، ودعم الدول التي تواجه تهديدات حادة من الدولة الإسلامية، و"المشاركة في الجوانب العديدة لحملة عسكرية منسقة حسبما يقتضي الحال".
وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية إن الولايات المتحدة أرادت على وجه التحديد إضافة عبارة "حسبما يقتضي الحال".
وأضاف "أردنا أن نكون المنسق العام لهذا المجهود، ولهذا فإن عبارة حسبما يقتضي الحال تعني في إطار خطة عامة للحملة، ومع استمرار تطورها".
وأثار رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن دمبسي يوم الثلاثاء إمكانية أن تضطلع القوات الأميركية بدور أكبر في الحرب البرية في العراق، رغم أن أوباما استبعد إرسال قوات مقاتلة.
ويقلل المسؤولون الأميركيون من احتمال شن هجمات جوية قريبا على التنظيم في سوريا، ومن غير الواضح ما إذا كانت أطراف أخرى ستشارك في هذا الجهد.
عمليات في سوريا
ويقول المسؤولون الأميركيون إن الولايات المتحدة ستقدم مبررات قانونية قبل أي عمليات في سوريا، تبرر توجيه ضربات مبنية إلى حد كبير على أساس حماية العراق من المتشددين الذي يهددون سيادته، ويحتمون بملاذهم في سوريا خلال الحرب الأهلية الدائرة منذ ثلاث سنوات.
ومن شأن دخول المجال الجوي السوري تعميق صراع يمس قضايا طائفية، فالدولة الإسلامية تنظيم من المقاتلين السنة يحارب الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق والحكومة السورية التي تقودها الطائفة العلوية الشيعية.
وقال ديفد شنكر المتخصص في شؤون سوريا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمستشار السابق بوزارة الدفاع لشؤون سوريا خلال حكم الرئيس جورج دبليو بوش، "يوجد ارتياب عام حقيقي بين حلفائنا في المنطقة بشأن التزامنا بذلك لأننا كنا مفقودين في السنوات الثلاث الأخيرة".
علامات استفهام
وسيرأس كيري الجمعة المقبل اجتماعا لمجلس الأمن، سيتيح الفرصة للدول التي أيدت التحالف الأميركي سرا لإبداء تأييدها علانية.
لكن علامات استفهام ما زالت قائمة حول حجم الالتزامات التي سيكون كل طرف على استعداد لإبدائها للمشاركة في حرب قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل يوم الثلاثاء إنها لن تكون سهلة أو قصيرة.
وفصلت وثيقة لوزارة الخارجية من 45 صفحة عروض المساعدة التي قدمتها نحو أربعين دولة، لكن أغلبها مساعدات إنسانية، أما التعهدات العسكرية فنادرة وقليلة.
فقد قالت ألبانيا على سبيل المثال إنها ستقدم 22 مليون طلقة لبنادق الكلاشنيكوف، و15 ألف قنبلة يدوية و32 ألف قذيفة مدفعية للقوات الكردية في العراق.
وقد شنت المقاتلات الأميركية أكثر من 160 هجوما جويا على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، مستأنفة العمليات العسكرية التي كان أوباما وكثير من الأميركيين يأملون ألا تتكرر عندما انسحبت قواتهم عام 2011.